للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جواب هذه الشبهة في قوله جل وعلا: (وهو بكل شيء عليم) ووجهه: أن في الأكل أجزاء أصلية، وأجزاء فضلية، وفي المأكول هي ما كان له قبل الأكل، وهو بكل خلق عليم، يعلم الأصلي من الفضلي، فيجمع الأجزاء الأصلية للأكل، وينفخ فيها روحه، ويجمع الأجزاء الأصلية للمأكول وينفخ فيها روحه، وكذلك يجمع الأجزاء المتفرقة في البقاع، المبدّدة في الأصقاع بحكمته الشاملة، وقدرته الكاملة (١).

ويدل عليه قوله جل وعلا: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (٤)} [ق:٤].

ومعنى الآية الكريمة: قد علمنا ما تنقص الأرض، أي: ما تأكل من لحومهم ودمائهم وأشعارهم إذا ماتوا، فلا يعزب ذلك عن علمه، وعندنا مع علمه بذلك كتاب حفيظ، أي حافظ لعددهم وأسمائهم ولما تنقص الأرض منهم، وهو اللوح المحفوظ، قد أثبت فيه ما يكون (٢).

١١ - قال منكرو البعث: البعث أمر غيبي غير محسوس، ونحن لا نؤمن إلا بما تدركه الحواس، فلا نصدق بشيء وراء الحس (٣).

قيل لهم:

أولاً: أليس الله جل وعلا قد ضرب الأمثلة، وأقام الشواهد والنماذج المحسوسة التي تشاهدونها بأعينكم، فذكر سبحانه وتعالى جملة من هذه الدلائل والشواهد، لتفكروا بعقولكم التي تؤمنون بوجودها، مع أنكم لا تشاهدونها ولا تعرفون إلا آثارها، ومنها:

- اليقظة بعد النوم، فقد استدل به على جواز الحشر والنشر، فإن النوم أخو الموت، واليقظة شبيهة بالحياة بعد الموت، قال جل شأنه: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام:٦٠].

- وقصة أصحاب الكهف وبقرة بني إسرائيل وطيور إبراهيم وغيرها، فيها دلائل ظاهرة بينة على البعث والمعاد.


(١) الرازي: مفاتيح (٢٦/ ٣٠٩)، التفتازاني: شرح المقاصد (٢/ ٢١٣).
(٢) ابن الجوزي: زاد المسير، ت: عبدالرزاق المهدي، ص (٤/ ١٥٧).
(٣) الغزالي عيد: ثمرات الإيمان بالله واليوم الآخر: ضمن مجلة البحوث الإسلامية العدد ٨، ١٤٠٣ هـ (٢٧٨) بتصرف.

<<  <   >  >>