للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلا بل هو الله إله واحد ... ليس بمولود ولا والد

أعاد وأبدى ... وإليه المآب غدًا

وأنشد في معنى الإعادة:

يا باكي الموتى والأموات في جدث ... عليهم من بقايا بزهم خرق

دعهم فإن لهم يوماً يصاح بهم ... كما ينبه من نوماته الصعق

حتى يجيئوا بحال غير حالهم ... خلق مضى ثم هذا بعد ذا خلقوا

منهم عراة ومنهم في ثيابهم ... منها الجديد ومنها الأزرق الخلق (١) وكان أيضاً من شعره في هذا المقام قوله:

في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر

لما رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر

ورأيت قومي نحوها يسعى الأصاغر والأكابر

لا يرجع الماضي إليّ ولا من الباقين غابر

أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر (٢)

٣: أمية بن أبي الصلت: وهو الشاعر الوحيد الذي جاء أكثر شعره في نزعات دينية وفكرية، ذلك لأنه كان في شك من عبادة قومه، وكان على شاكلة غيره ممن سئم تلك العبادة، ينهى قومه عنها، ويسفه أحلامها، وفي شعره المنقاد بالجنة والنار والبعث، وبصحة البعث الجسماني، وبوجود الجنة والنار بالمعنى الحقيقي لا المجازي (٣).

وقد صدّقه النبي - صلى الله عليه وسلم -، في شعره، فعن عمرو بن الشّريد عن أبيه قال: ردفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يوماً فقال: هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء؟ قلت: نعم، قال: هيه، فأنشدته بيتاً، فقال: هيه، ثم أنشدته بيتاً فقال: هيه، حتى أنشدته مائة بيت، وزاد في رواية: إن كان ليسلم، وفي حديث ابن مهدي: فلقد كاد يسلم في شعره (٤).

قال الأصحاب: ذهب أمية بن أبي الصلت في الشعر بعامة ذكر الآخرة (٥).


(١) الشهرستاني: الملل والنحل)، محمد حمدون: التذكرة الحمدونية (٦/ ٢٥٢).
(٢) الثعالبي: لباب الآداب، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤١٧ هـ، ص (١٢٢).
(٣) جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار الساقي، ط ٤ ١٤٢٢ هـ (١١/ ١٣٢).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الشعر ح (٢٢٥٥).
(٥) الأصمعي: فحولة ص (١٨)، ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (٧/ ١٥٣).

<<  <   >  >>