للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذهب البعض إلى أن غالب أشعار أمية الدينية، هي من الأشعار المنحولة، وكان مأخذهم في ذلك ما قيل عن بعض المستشرقين، من أن النبي - صلى الله عليه وسلم -اقتبس القرآن الكريم من شعر أمية بن أبي الصلت، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً، فالمعروف من سيرة أمية بن أبي الصلت، أنه قد تأثر بالديانتين اليهودية والنصرانية، واطلع على الكتب القديمة (١)، ولذا كان منبع شعره الموافق لما في القرآن الكريم، هو ما كان موجوداً في كتب الديانات القديمة، والتي فيها حق وباطل بعد النسخ والتبديل.

على أن أمية قد أدرك الإسلام ورأى رسول الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام، وسمع القرآن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -ولكنه عاند وكفر، فروى الإمام الطبراني من حديث معاوية بن أبي سفيان عن أبيه: أن أمية بن أبي الصلت قال له: إني أجد في الكتب صفة نبي يبعث من بلادنا، وكنت أظن أني هو ثم ظهر لي أنه من بني عبد مناف، قال: فنظرت فلم أجد فيهم من هو متصف بأخلاقه إلا عتبة بن ربيعة، إلا أنه جاوز الأربعين، ولم يوح إليه فعرفت أنه غيره، قال أبو سفيان: فلما بعث محمد، قلت لأمية عنه فقال: أما إنه حق فاتبعه، فقلت له: فأنت ما يمنعك؟ قال: الحياء من نسيات ثقيف أني كنت أخبرهن أني هو، ثم أصير تبعاً لفتى من بني عبد مناف (٢).وقد كفر أمية بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بغياً وحسداً، وكان يحرض قريشاً بعد وقعه بدر، ويرثي من قتل بها (٣).

قال الشيخ علي القاري:" والغرض أنه - صلى الله عليه وسلم - استحسن شعر أمية، واستزاد من إنشاده، لما فيه من الإقرار بوحدانية الله تعالى والبعث " (٤).


(١) ابن عبد البر: الاستذكار (٢/ ٥٢٨) ابن حجر: فتح الباري (٧/ ١٥٣) ابن القيم: هداية الحيارى ... (٤٠٠).
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، مكتبة ابن تيمية - القاهرة، ط ١، باب الصاد من اسمه صخر (٧٢٦٢)، وفي سنده بجامع بن عمرو، وهو ضعيف.
(٣) ابن حجر: فتح الباري (٦/ ٥٨٣)، ٦/ ٥٨٣، الألوسي: بلوغ الأرب (٢/ ٢٥٥)، ابن تيمية: منهاج السنة جامعة الإمام محمد بن سعود، ط ١ ١٤٠٦ هـ (٤/ ٤٣٤).
(٤) القاري: مرقاة المفاتيح، دار الفكر - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ (٧/ ٣٠١٣).

<<  <   >  >>