للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - اختلفوا في النعيم الأخروي، هل يكون حسيا، بمأكول ومشروب والتذاذ بنكاح، أم هو نعيم ومتعة روحية فقط؟

الذي عليه مذهب جماهيرهم ومعظمهم، ومن ينتسب إلى التدين منهم، أن الخلق لا بد أن يجتمعوا في القيامة، وأن عيسى محاسبهم، فينعم ويعذب ... لكن ليس عذاباً بنيران وسلاسل وأغلال، وغير ذلك مما نعتقده نحن وليس ... أيضاً بمأكول ومشروب والتذاذ بنكاح (١).

وقال العلامة الشهرستاني:" وأنكروا أن يكون في الجنة نكاح وأكل وشرب" (٢).

وإنكارهم هذا يعود إلى أنهم يرون أن الأجساد يوم القيامة، ستكون أجساداً روحانية، لا تحتاج إلى الطعام والشراب، وليس فيها شهوة الجماع ولا فرق فيها بين جسد المرأة وجسد الرجل (٣).

وقد ذكر منكرو النعيم الحسي في الجنة شبهاً متهافتة، رد عليها العلماء وبينوا وجه الخطأ فيها، ومما ذكروه من شبه قولهم: إن كان في الجنة أكل وشراب ونكاح ولباس، لزم أن يكون في الجنة غائط وبول وولادة وتمزيق ثياب وتخريقها، وكل ذلك محال أن يكون في الجنة.

قيل: هذا جهل، ولا يلزم شيء مما ذكر، بل يقال: هناك أكل وشرب وليس هناك غائط ولا بول، وهذا غير منكر، إذ لا يلزم في كل طعام أن يكون له فضلة، لو سلمنا أن تكون له فضلة، لما لزم أن يكون فضلة مستقذرة، بل قد تكون فضلات كثيرة طيباً يتطيب به، وشراباً يشرب، مثل المسك، فإنه دم حيوان أو رجيعه، أو العسل فإنه فضلة حيوان معروف وليس شيء من ذلك مستقذراً، بل هو مستطاب مستلذ، ولا يبعد أن تكون فضلات الجنة هكذا بل هو هكذا.

وأما الحمل: فلا يلزم شيء منه، إذ قد نجد من النساء العواقر، وهن اللواتي لا يلدن، فكذلك نساء أهل الجنة، لا يلدن ولا يحضن.


(١) شمس الدين القرطبي: الإعلام بما لدين النصارى من الفساد والأوهام ص (٤٣٣).
(٢) الشهرستاني: الملل والنحل، مؤسسة الحلبي، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٢/ ٢٨)
(٣) الخلف: دراسات في الأديان، مكتبة أضواء السلف - الرياض، ط ٤ ١٤٢٥ هـ، ص (٣٣٥)

<<  <   >  >>