للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه مع كونها شبهة متهافتة، إلا أن هذا الزعم الذي تفوه به الفلاسفة زعم باطل، لأنهم يقولون بقدم العالم، وهذا يعني: وجود أبعاد زمانية لا تتناهى في القدم، ويقولون بأن المادة لا تفنى، وهذا يعني أيضاً: وجود أجسام لا تتناهى، فهذا يرد على دعواهم الباطلة، مع كون القول بقدم العالم عقيدة فاسدة، إلا أن مسلّمات الخصم، وهي لازم قولهم تبطل دعواهم (١).

وثانياً: أن الازدحام والتصادم والتضايق، هو من خصائص الأجسام الدنيوية، وليس في الأجسام الأخروية ازدحام وتضايق، فأحوال الآخرة تختلف عن أحوال الدنيا، وصفة الأرض المحشورة تختلف عن صفة الأرض الدنيوية، والقرآن نص على أنهم مجموعون، مما يدل على اتساعها للجميع قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)} (قُلْ إن الأوّلين والآخرين، لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) الواقعة: ٥٠ (٢).

٣ - بعض أعيان الفلاسفة لهم آراء خاصة فيما يتعلق بالمعاد الروحاني:

أ - نقل شيخ الإسلام عن الفارابي، أن له ثلاثة أقوال متناقضة في معاد النفوس والأرواح:

فتارة يقول: إنما تُعاد النفوس العالمة دون الجاهلة، وهذا أيضاً قول يقوله بعض أعيانهم، وتارة يقول: بمعاد الأنفس مطلقاً، وتارة يقول: بإنكار معاد الأنفس مع معاد الأبدان (٣).

ب - ونُقل عن جالينوس: التوقف في هذه المسألة، فإنه قال: لم يتبين لي أن النفس، هل هي المزاج فينعدم عن الموت فيستحيل إعادتها، أو هي جوهر باق بعد فساد البنية، فيمكن المعاد حينئذ (٤).


(١) محمود غريب: سورة الواقعة ومنهجها في العقائد ص (٩٩)
(٢) شاكر الساعدي: المعاد الجسماني ص (٢٤٢)، الألوسي: روح المعاني (١٢/ ٦٠)
(٣) ابن تيمية: الرد على المنطقيين ص (٤٥٨)، أحمد بن عيس: توضحي المقاصد (٢/ ٢٧٤)، ابن تيمية: شرح العقيدة الأصفهانية ص (١٦٩)، ابن تيمية: الجواب الصحيح ص (٦/ ١١)، ابن كثير: البداية والنهاية (١١/ ٢٥٣).
(٤) الإيجي: المواقف (٣/ ٤٧٩)، التفتازاني: شرح المقاصد (٢/ ٢١١)

<<  <   >  >>