للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله تعالى سمى النوم موتاً، فهو موت أصغر بالنسبة للموت الحقيقي ... الذي يزول معه العقل والحركة، ولذا قال الزجاج:" والنفس التي تفارق الإنسان عند النوم هي التي للتمييز، والتي تفارقه عند الموت هي التي للحياة، وهي التي يزول معها التنفس. وسُمي النوم موتاً؛ لأنه يزول معه العقل والحركة تمثيلاً وتشبيهاً" (١). فالموت " ليس بعدم محض، ولا فناء صرف وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقته وحيلولة بينهما، وتبدل حال وانتقال من دار إلى دار، والحياة عكس ذلك" (٢).

قال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم:" وليس الموت بإفناء وإعدام، وإنما هو انتقال، وتغير حال، وفناء للجسد دون الروح، إلا ما استثني من عجب الذنب" (٣).

وقد عرف المتكلمون الموت بأنه: عدم الحياة عما من شأنه الحياة ... واستظهره الرازي (٤)، وقيل: عدم الحياة عمن اتصف بها (٥).

وجعلوا هذا من باب تقابل العدم والملكة، فقالوا: الموت عبارة عن عدم صفة الحياة عن محل يقبلها، يعني: أن الموت والحياة من باب العدم والملكة فإن الحياة هي الإحساس والحركة الإرادية والاضطرارية كالتنفس، والموت عدم ذلك عما من شأنه أن يكون له (٦).

وهذا التعريف منتقد:


(١) ابن حجر: فتح الباري (١١/ ١١٤)، مؤيد حسن: مباحث النبوات والسمعيات في فتح الباري بحث علمي مقدم لكلية أصول الدين، الجامعة الإسلامية بغداد، ١٤٣١ هـ، (١٨٩).
(٢) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، (٧/ ٣٣٧ - ١٨ - ٢٠٦).
(٣) عبد الرحمن قاسم: حاشية الروض المربع، ط ١ ١٣٩٧ هـ، (٣/ ٤)
(٤) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٥/ ١٩٩).
(٥) البهوتي: كشاف القناع، دار الكتب العلمية - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (١/ ٥٤).
(٦) الزمخشري: (٤/ ٥٧٥)، الخلوتي: روح البيان (١٠/ ٧٥).

<<  <   >  >>