للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال بعضهم: تعريف الموت بأنه: زوال الحياة عما من شأنه الحياة، فيه تساهل؛ إذ يلزم منه أن يكون الجنين قبل حلول الحياة فيه ميتاً. وانفُصِل عن هذا الإلزام: بأنه لا يلزم ذلك عند استعداده للحياة، فلا يكون موتاً (١).

وقال بعضهم: هذا القيد في التعريف يلزم منه، عدم إطلاق هذا اللفظ على الجمادات، وهذا منقوض بورود وصف الجمادات بالموت، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على المتكلمين:" الوجه الخامس: أن يقال: أنتم جعلتم تقبل العدم والملكة فيما يمكن اتصافه بثبوت، فإن عنيتم بالإمكان الإمكان الخارجي، وهو أن يعلم ثبوت ذلك في الخارج، كان هذا باطلاً من وجهين:

أحدهما: أنه يلزمكم أن تكون الجامدات لا توصف بأنها لا حية ولا ميتة ولا ناطقة ولا صامتة، وهو قولكم، لكن هذا اصطلاح محض، وإلا فالعرب يصفون هذه الجمادات بالموت والصمت، وقد جاء القرآن بذلك قال تعالى: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١)} [النحل:٢١] فهذا في الأصنام وهي من الجمادات، وقد وصفت بالموت " (٢).

وعليه فيكون التقابل بين الحياة والموت من قبيل تقابل السلب والإيجاب وهما النقيضان. ومعلوم أن الحياة والموت ليس مما إذا خلا الموصوف عنهما وصف بوصف ثالث بينهما، كالحمرة بين السواد والبياض، فعلم أن الموصوف لا يخلو عن أحدهما، فإذا انتفى تعين الآخر. (٣)

واختلف الناس في الموت على جهتين:

الأولى: - هل الموت صفة وجودية أم عدمية؟

الثانية: - هل الموت عرض أم جسم؟

أولاً: اختلف الناس في الموت هل هو صفة وجودية أم عدمية، على قولين:

الأول: أن الموت صفة وجودية، وهذا القول هو قول المذهب السني في مقابل الفلاسفة والمعتزلة.


(١) الشربيني: السراج المنير، (١/ ٢٩)، التفتازاني: شرح المقاصد (١/ ٢٢٤).
(٢) ابن تيمية: الرسالة التدمرية ص (١٦٠).
(٣) ابن تيمية: الرسالة التدمرية ت: د. محمد السعوي، ص (١٥٩).

<<  <   >  >>