للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الطاهر بن عاشور:" وأما معنى خلق الموت: فإيجاد أسبابه، وإلا فإن الموت عدم لا يتعلق به الخلق بالمعنى الحقيقي، ولكنه لما كان عرضاً للمخلوق عبّر عن حصوله بالخلق تبعاً " (١).

والصحيح المعتبر: ما نص عليه أهل السنة من أن الموت صفة وجودية، دل عليه قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ}، وأما تأويله بمعنى قَدَّر فبعيد بدلالة سياق الآية وسباقها، فإن المراد به الموت الطارئ، وبالحياة ما قبله وما بعده، والتعليل بقوله: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} دليل على الوجود (٢).

والموت والحياة نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، فمتى ثبتت الحياة انتفى الموت، ومتى وجد الموت انتفت الحياة، لأن الشيء لا يخلو من الحياة أو الموت (٣)." فالموت ليس عملية سلبية كما يتوهم بعض الناس، بل عملية إيجابية، وهو مخلوق بسرّ دقيق للغاية، يناسب دقة الصانع" (٤).


(١) الطاهر بن عاشور: التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر - تونس، ١٩٨٤ م، (٢٩/ ١٣).
(٢) أبو السعود: إرشاد العقل السليم، (٩/ ٢)، صالح آل الشيخ: شرح الطحاوية (١/ ٥٧)
(٣) ابن تيمية: التدمرية، ت: د. محمد السعوي، ص (١٥٤ - ١٥٩).
(٤) الشعراوي: تفسير الشعراوي - الخواطر-، مطابع أخبار اليوم، ١٩٩٧ م (٤/ ٢٤٣٤).

<<  <   >  >>