للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذهب الرازي وجماعة من المتكلمين إلى أن الموت عرض من الأعراض كالسكون والحركة، ولذا تأولوا حديث الصحيح من صيرورة الموت كبشاً أملح، بأن المراد منه: التمثيل، ليعلم أن في ذلك اليوم قد انقضى أمر الموت (١)، قال الإمام المازري: "الموت عند أهل السنة عرض يضاد الحياة"، ثم قال:" لا يصح أن يكون الموت كبشاً ولا جسماً من الأجسام، وإنما المراد بهذا التشبيه والتمثيل، وقد يخلق الباري سبحانه هذا الجسم، ثم يذبح ويجعل هذا مثالاً، لأن الموت لا يطرأ على أهل الآخرة" (٢).

وذهب إلى هذا القول جماعات من أهل العلم، حتى قال الإمام ابن العربي:" استُشكِل هذا الحديث لكونه يخالف صريح العقل، لأن الموت عرض والعرض لا ينقلب جسماً، فكيف يذبح؟ فأنكرت طائفة صحة هذا الحديث ودفعته وتأولته طائفة، فقالوا: هذا تمثيل، ولا ذبح هناك حقيقة، وقال طائفة: بل الذبح على حقيقته، والمذبوح متولي الموت" (٣)، وكذا أجاب الشيخ العز بن عبد السلام، عن هذا التساؤل فقال: "إن الله خلق كبشاً وسماه باسم الموت، لا أنه نفس العرض " (٤).


(١) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٣٠/ ٥٧٩ - ٢١ - ٤٥١).
(٢) المازري: المفهم بفوائد مسلم، دار الغرب الإسلامي - بيروت ن ط ٢ - ١٩٩٢ م، (٣/ ٢٠٣).
(٣) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١١/ ٤٢١).
(٤) السيوطي: قوت المغتذى، محقق في رسالة علمية بجامعة أم القرى - مكة المكرمة، ١٤٢٤ هـ، (٢/ ٦١٧)، السيوطي: الحاوي للفتاوى، دار الفكر - بيوت، ١٤٢٤ هـ (٢/ ١١٥).

<<  <   >  >>