للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن نتائج الاهتمام القرآني بذكر الموت، المسارعة لخلاص النفس من أهوائها وانفكاكها عن شهواتها، والاستعداد للقاء ربها جل وعلا، وعدم الوقوع في الندم في هذه الساعة العصيبة.

٤ - أن في التذكير بالموت، تهديد للطغاة والمتجبرين والمتكبرين، ونذير شر إن لم يقلعوا عن غيهم، ويرجعوا إلى رشدهم، يقول جل وعز: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣)} [الأنعام:٩٣]، يقول المولى جل وعز {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} أي: شدائده وسكراته، يقال لهم {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} أي: خلصوها من العذاب إن أمكنكم، وهو توبيخ وتقريع، والجواب في الآية محذوف لعظم الأمر، أي: ولو رأيت الظالمين في هذه الحال، لرأيت عذاباً عظيماً (١).

والخطاب في الآية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو لكل من يصلح له، والمراد: كل ظالم ويدخل فيه الجاحدون لما أنزل الله والمدعون للنبوات افتراء على الله دخولاً أولياً (٢).

"وهذا مشهد كئيب مكروب رعيب، يجلله الهوان، ويصاحبه التنديد والتأنيب، جزاء الاستكبار والإعراض والافتراء والتكذيب " (٣).


(١) السمعاني: تفسير القرآن: (٢/ ١٢٦)، البغوي: معالم التنزيل: (٢/ ١٤٥)، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: (٤/ ٤١).
(٢) الشوكاني: فتح القدير، دار ابن كثير - دمشق، ط ١ ١٤١٤ هـ (٢/ ١٥٩).
(٣) سيد قطب: في ظلال القرآن، دار الشروق - بيروت، القاهرة، ط ١٧ ١٤١٢ هـ (٢/ ١١٣٨).

<<  <   >  >>