للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أن سؤال الملكين خاص بهذه الأمة، ذكره الإمام ابن عبد البر دون جزم، فقال:" وفي حديث زيد بن ثابت عن النبي أنه قال: «إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا»، ومنهم من يرويه «تُسأل في قبورها»، وهذا اللفظ يحتمل أن تكون هذه الأمة خصت بذلك، وهو أمر لا يقطع عليه" (١).

وجزم بهذا القول الحكيم الترمذي وقال:" كانت الأمم قبل هذه الأمة تأتيهم الرسل، فإن أطاعوا فذاك، وإن أبوا اعتزلوهم وعوجلوا بالعذاب فلما أرسل الله محمداً رحمة للعالمين، أمسك عنهم العذاب وقَبِل الإسلام ممن أظهره، سواء أسر الكفر أو لا، فلما ماتوا قيّض الله لهم فتاني القبر ليستخرج سرهم بالسؤال، وليميز الله الخبيث من الطيب، ويثبت الله الذين آمنوا ويضل الله الظالمين " (٢).

واحتجوا بحديث زيد السابق: «إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا «(٣) وبحديث عائشة عند أحمد بلفظ: «أَمَّا فِتْنَةُ الْقَبْرِ: فَبِي تُفْتَنُونَ، وَعَنِّي تُسْأَلُونَ «(٤).

الثاني: أن السؤال لهذه الأمة ولغيرها، اختاره جماعة من أهل العلم منهم: الإمام عبد الحق الإشبيلي والإمام القرطبي والإمام ابن القيم.

واحتجوا بعموم الأحاديث الدالة على سؤال منكر ونكير لكل مقبور.

وتعقب الإمام ابن القيم ما استدل به الأولون فقال:" قوله «إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ «: إما أن يراد به: أمة الناس، كما قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام:٣٨]، وكل جنس من أجناس الحيوان يسمى أمة.


(١) ابن عبد البر: التمهيد، وزارة عموم الأوقاف - المغرب، ١٣٨٧ هـ (٢٢/ ٢٥٣).
(٢) ابن حجر: فتح الباري،: (٣/ ٢٤٠)، الشوكاني: نيل الأوطار: (٤/ ١١٠).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجنائز، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه ح (٢٨٦٧.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده، في مسند عائشة رضي الله عنها ح (٢٥٠٨٩)، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢١ هـ.

<<  <   >  >>