للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإما أن يراد به: أمته الذي بعث فيهم، فإن كان هذا هو المراد، لم يكن فيه ما ينفي سؤال غيرهم من الأمم، بل قد يكون ذكرهم، إخباراً بأنهم مسئولون في قبورهم، وأن ذلك لا يختص بمن قبلهم، لفضل هذه الأمة وشرفها على سائر الأمم".

ثم قال: "والظاهر والله أعلم: أن كل نبي مع أمته كذلك، وأنهم معذبون في قبورهم بعد السؤال لهم، وإقامة الحجة عليهم، كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة " (١).

وقال بعضهم: إن الأدلة محتملة في ذلك وليست قاطعة في الاختصاص ولذا يتوقف في هذه المسألة، وهو قول جماعة، منهم الإمام ابن عبد البر (٢).

٢ - هل السؤال خاص بالمسلمين والمنافقين؟ أم يشمل الكفار أيضاً؟

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

الأول: أن السؤال خاص بالمسلمين والمنافقين دون الكافرين. وذهب إلى هذا القول الإمام ابن عبد البر، وقال في التمهيد:" الآثار الثابتة في هذا الباب إنما تدل أن الفتنة في القبر، لا تكون إلا لمؤمن أو منافق، ممن كان في الدنيا منسوباً إلى أهل القبلة ودين الإسلام ممن حقن دمه بظاهر الشهادة، وأما الكافر الجاحد المبطل، فليس ممن يُسأل عن ربه ودينه ونبيه، وإنما يُسأل عن هذا أهل الإسلام " (٣).

وتأول الإمام ابن عبد البر، النصوص الواردة في عذاب القبر بأن هذا عذاب واصب للكفار إلى أن تقوم الساعة، وهذا غير الفتنة والابتلاء الذي يعرض للمؤمن، ومن الجائز أن يكون عذاب القبر غير فتنة القبر، انتصر له الإمام السيوطي (٤).


(١) ابن القيم: الروح (٨٧) فتح الباري (٣/ ٢٤٥) عمدة القاري (٨/ ٢٠٥) نيل الأوطار: (٤/ ١١٠)
(٢) صالح الفوزان: الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد: ص (٢٧١)، ابن عبد البر: التمهيد: ٢٢/ ٢٥٣)، ابن أبي العز: شرح الطحاوية: ص (٣٩٧)، السفاريني: البحور الزاخرة: (١/ ١٨٠).
(٣) ابن عبد البر: التمهيد، وزارة عموم الأوقاف - المغرب، ١٣٨٧ هـ (٢٢/ ٢٥٢)
(٤) ابن عبد البر: التمهيد (٢٢/ ٢٥٢)، السيوطي: شرح الصدور ص (١٤٥).

<<  <   >  >>