للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الإمام الرازي: "احتج أكثر العلماء بهذه الآية في إثبات عذاب القبر وتقرير الدليل: أنهم أثبتوا لأنفسهم موتتين، حيث قالوا: ربنا آمتنا اثنتين فأحد الموتتين مشاهد في الدنيا، فلا بدّ من إثبات حياة أخرى في القبر، حتى يصير الموت الذي يحصل عقبها موتاً ثانياً، وذلك يدل على حصول حياة في القبر" (١).

٩ - وقوله تعالى: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٥)} [المجادلة:١٥]. والمراد منه عند بعض المحققين: عذاب القبر (٢)، وقال بعضهم: أعد لهم عذاباً شديداً في جهنم، وهو الدرك الأسفل (٣)، قال ابن الخطيب:" لأنا إذا حملنا هذا على عذاب القبر، وحملنا قوله جل ذكره: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٦)} [المجادلة:١٦] على عذاب الآخرة، لا يلزم منه تكرار" (٤).

١٠ - وقوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢)} [التكاثر: ١ - ٢]. قال الإمام الطبري في معنى هذه الآية: "يعني: حتى صرتم إلى المقابر فدفنتم فيها، وفي هذا دليل على صحة القول بعذاب القبر، لأن الله تعالى ذكره، أخبر عن هؤلاء القوم الذين ألهاهم التكاثر، أنهم سيعلمون ما يلقون إذا هم زاروا القبور، وعيداً منه لهم وتهديداً" (٥).


(١) الرازي: مفاتيح الغيب،، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٢٧/ ٤٩٤).
(٢) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٢٩/ ٤٩٧).
(٣) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٨٤ هـ، (١٧/ ٣٠٤).
(٤) أبو حيان: البحر المحيط، دار الفكر - بيروت، ١٤٢٠ هـ، ت: صدقي جميل، ص (١٠/ ٥٥٣)
(٥) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (٢٤/ ٥٨٠)

<<  <   >  >>