للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وقع إنكار شديد على المعتزلة، بناء على ماسُطر، على أنهم تتابعوا على القول بإنكاره، والحق ما ذكره علمائهم، وأيده علماء أهل السنة، يقول الحافظ ابن حجر بعد حكاية أقوال المنكرين لعذاب القبر:" وخالفهم في ذلك أكثر المعتزلة وجميع أهل السنة وغيرهم " (١).

ولذا حكى العلامة ابن حجر الهيثمي: أنه وقع لسني أنه صلى على معتزلي فقال في دعائه: اللهم أذقه عذاب القبر، فإن كان لا يؤمن به، ويبالغ في نفسه ويُخطئ مثبته (٢).

فهذا وأمثاله مبني على ما سبق الإشارة إليه، من تعميم بأن الإنكار لعذاب القبر هو منهج المعتزلة، ومن هنا قال العلامة مغلطاي بعد أن أشار إلى نسبة القول بالإنكار إلى عموم المعتزلة:" كذا رأيت جماعة من العلماء ذكروا عند كلامهم على هذا الحديث وشبهه، ويشبه أن يكون ذلك وهماً منهم على المعتزلة، لما ذكره القاضي عبد الجبار له عن المعتزلة".

وقال العلامة التفتازاني:" وإنما نسب إلى المعتزلة وهم براء منه؛ لمخالطة ضرار إياهم، وتبعه قوم من السفهاء المعاندين للحق" (٣).

٢ - المنكرون لوقوع عذاب القبر على البدن:

وهؤلاء ذهبوا إلى أن عذاب القبر يقع على النفس فقط، بناء على أنه ليس في البرزخ عذاب ولا نعيم، وهو المنقول عن ابن ميسرة وابن حزم (٤).

ويقول الإمام ابن تيمية:" وهذا تقوله الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين، ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، الذين يقولون: لا يكون ذلك في البرزخ، وإنما يكون عند القيام من القبور " (٥).


(١) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (٣/ ٢٣٣).
(٢) العظيم آبادي: عون المعبود، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ٢ - ١٤١٥ هـ (٣/ ١٩٣).
(٣) مغلطاي: شرح سنن ابن ماجه (١/ ١٥٩)، التفتازاني: شرح المقاصد (٢/ ٢٢٠).
(٤) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٥/ ٥٢٥)
(٥) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٤/ ٢٨٣)

<<  <   >  >>