للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا القول باطل، فقد ورد في الأحاديث الصحيحة وقوع العذاب على الجسد، "ومما يدل على وقوع العذاب على الأجساد، الأحاديث الكثيرة في تضييق القبر على الميت، حتى تختلف أضلاعه، ولأنه لو كان العذاب على الروح خاصة، لم يختص العذاب بالقبر، ولم ينسب إليه" (١).

٣ - المنكرون لوقوع عذاب القبر على الروح:

وهؤلاء ذهبوا إلى أن عذاب القبر يقع على البدن فقط، كأنه ليس عنده نفس تفارق البدن، وهو قول طائفة من المعتزلة والأشعرية (٢). وهذا قول باطل "والحق أن الميت المعذب في قبره توضع فيه الحياة بقدر ما يحس بالألم" (٣).

وذهب جماعة إلى جواز التعذيب على الموتى من غير إحياء؛ لأنها ليست شرطاً للإدراك، وهو المنقول عن الصالحي من المعتزلة، وابن جرير الطبري وطائفة من الكرامية، وقاله طائفة من أهل الحديث، وذكره ابن الزاغوني، وهذا القول خروج عن المعقول؛ لأن الجماد لا حس له، فكيف يتصور تعذيب.

وذهب ابن الراوندي إلى أن الحياة موجودة في كل ميت، لأن الموت ليس ضدا للحياة، بل هو آفة كليه معجزة عن الأفعال الاختيارية، غير منافية للعلم. وهذا باطل لا يوافق أصول أهل الحق (٤).

٤ - المنكرون لوقوعه على المؤمنين:

وذهب أصحاب هذا القول إلى وقوع عذاب القبر على الكافرين خاصة دون المؤمنين، وهو المنقول عن أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم والبلخي (٥) وذكر الإمام ابن قتيبة الأخبار الواردة في عذاب القبر، ثم قال: "وهذه الأخبار تدل على أن عذاب القبر للكافر" (٦).


(١) ابن رجب: تفسير ابن رجب، دار العاصمة، ط ١ ١٤٢٢ هـ (٢/ ١٠٤)
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٤/ ٢٦٢)
(٣) الكمال ابن الهمام: فتح القدير، دار الفكر - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٥/ ١٩٣).
(٤) الإيجي:: (٣/ ٥١٩)، التفتازاني: شرح المقاصد: (٢/ ٢٢٢)، ابن الملقن: الإعلام: (١/ ٥١٨).
(٥) العيني: عمدة القارئ: (٣/ ١١٨)، ابن حجر: فتح الباري: (٣/ ٢٣٣)، ابن القيم: الروح (٥٨).
(٦) ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث، المكتب الإسلامي، ط ٢ - ١٤١٩ هـ، ص (٣٦٢)

<<  <   >  >>