للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض المعتزلة: إن الله تعالى يعذب الموتى في قبورهم، ويحدث فيهم الآلام وهم لا يشعرون، فإذا حشروا وجدوا تلك الآلام، كالسكران والمغشي عليه، لو ضربوا لم يجدوا ألماً، فإذا عاد إليهم عقلهم وجدوا تلك الآلام (١).

وكل هذه الأقوال فاسدة، تردها الأحاديث الصحيحة الثابتة، والذي عليه جماعات أهل السنة ما يلي:

١ - إثبات عذاب القبر ونعيمه على الروح والجسد، يقول العلامة ابن حجر الهيتمي في جواب عن سؤال مفاده: هل عذاب القبر على الروح والجسد أم على أحدهما؟

فأجاب بقوله:" ذهب أهل السنة إلى أن الله يحيي المكلف في قبره، ويجعل له من العقل مثل ما عاش عليه، ليعقل ما يُسأل عنه، ويجيب عنه، وما يفهم به ما أتاه من ربه، وما أعد له في قبره من كرامة وهوان، وبهذا نطقت الأخبار والأصح: أن العذاب على الروح والجسد" (٢).

والأحاديث على إثبات هذا متضافرة، يقول الإمام ابن تيمية:" وهذا الباب فيه من الأحاديث والآثار ما يضيق هذا الوقت من استقصائه، مما يبيّن أن الأبدان التي في القبور تنعم وتعذب - إذا شاء الله ذلك - كما يشاء، وأن الأرواح باقية بعد مفارقة البدن، ومنعمة أو معذبة " (٣).

وهذا القول هو الذي أجمع عليه أهل السنة، يقول الإمام ابن تيمية: "العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعاً، باتفاق أهل السنة والجماعة" (٤).

٢ - أن العذاب قد يكون على النفس متفردة أحياناً، يقول الإمام ابن تيمية:" تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن، وتعذب متصلة بالبدن، والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين، كما يكون للروح منفردة عن البدن" (٥).


(١) ابن الملقن:: (١/ ٥١٨)، العيني: عمدة القاري: (٣/ ١١٨)
(٢) ابن حجر الهيثمي: الفتاوى الفقهية: (٢/ ٩).
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف (٤/ ٢٩٦)
(٤) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف: (٤/ ٢٨٢)
(٥) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف: (٤/ ٢٨٢)

<<  <   >  >>