للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام ابن عبد البر:" أجمع العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إذا ثبت" (١).

وقد أفرد جماعات من أهل العلم، مصنفات خاصة في بيان حجية أخبار الآحاد، كالإمام ابن عبد البر والإمام الخطيب البغدادي وغيرهما (٢).

وعقد الأئمة رحمهم الله في مصنفاتهم أبواباً؛ لبيان الأدلة المستفيضة على حجية خبر الآحاد كالإمام الشافعي في كتابه الرسالة (٣).

واحتج الأئمة يرحمهم الله تعالى بحديث الآحاد بشموله سواء فيما يتعلق بمسائل الاعتقاد أو مسائل الأحكام فلم يفرقوا في التعامل به بنهما، كما جرت عليه بعض الطوائف، حيث أعملت خبر الآحاد فيما يتعلق بمسائل الأحكام، والغت حجيته في مسائل الاعتقاد، وهذا من قصورهم في التعامل مع السنة، وإلا فإن الأئمة احتجوا به في مسائل الأحكام ومسائل الاعتقاد.

يقول الإمام السمعاني:" أجمع أهل الإسلام، متقدموهم ومتأخروهم على رواية الأحاديث في صفات الله عز وجل، وفي مسائل القدر والرؤية، وأصل الإيمان، والشفاعة، والحوض، وإخراج الموحدين المذنبين من النار، وفي صفة الجنة والنار، وفي الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، وفي فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم -ومناقب أصحابه، وأخبار الأنبياء المتقدمين عليه، وكذلك أخبار الرقائق والعظات، وما أشبه ذلك، مما يكثر عده وذكره، وهذه الأشياء كلها علمية لا عملية، وإنما تروى لوقوع علم السامع بها " (٤).


(١) ابن عبد البر: التمهيد، وزارة عموم الأوقاف - المغرب، ١٣٨٧ هـ (١/ ٢).
(٢) النووي: شرح مسلم، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٢ - ١٣٩٢ هـ (١/ ٦٢ - ١٣١).
(٣) الشافعي: الرسالة، مكتبة الحلبي - مصر، ط ١ ١٣٨٥ هـ (١/ ٣٦٩).
(٤) السمعاني: الانتصار لأصحاب الحديث، مكتبة أضواء المنار - السعودية، ط ١ ١٤١٧ هـ، ص (٣٦).

<<  <   >  >>