للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحتج أصحاب هذا القول بالأدلة القرآنية المثبتة حبوط عمل الكافر، ومنها قوله تعالى:

- {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان:٢٣]

- {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ} [إبراهيم:١٨].

واحتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ «(١).

وتعقب: بأنه مجاز عن حقارة قدره، ولا يلزم منه عدم الوزن (٢).

القول الثاني: أن أعمال الكفار توزن، واحتجوا بقوله جل وعلا: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩)} [الأعراف:٩]

وفُسر الظلم في الآية: بالجحود والكفر، قال الإمام البيهقي:" في الآية التي كتبناها دلالة على أن أعمال الكفار توزن، لأنه قال في آية أخرى {بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩) والظلم بآيات الله: الاستهزاء بها وترك الإذعان لها" (٣).

وقال الإمام ابن حزم:" فنقطع على الموازين أن توضع يوم القيامة لوزن أعمال العباد، قال تعالى عن الكفار: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (١٠٥)} [الكهف:١٠٥] وليس هذا على أن لا توزن أعمالهم، بل توزن لكن أعماله شائلة وموازينهم خفاف" (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم) ح (٤٧٢٩)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صفات المنافقين ح (٢٧٨٥).
(٢) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١٣/ ٥٣٨).
(٣) البيهقي: شعب الإيمان، مكتبة الرشد - الرياض، ط ١ ١٤٢٣ هـ (١/ ٤٣٨)
(٤) ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ٥٤)

<<  <   >  >>