للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن أعمال الكافرين لا توزن، واحتجوا بقوله تعالى: ... {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (١٠٥)} [الكهف:١٠٥].

وأحد التفسيرين في هذه الآية يدل على المقصود فقيل في معنى قوله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (١٠٥)} أي لا يقام لهم ميزان؛ لأن الميزان إنما يوضع لأهل الحسنات والسيئات من الموحدين؛ لتتميز مقدار الطاعات ومقدار السيئات (١).

قال الإمام القرطبي في معنى هذه الآية: "والمعنى أنهم لا ثواب لهم، وأعمالهم مقابلة بالعذاب، فلا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ومن لا حسنة له فهو في النار" (٢).

وقال الشيخ الهراس:" والصحيح أن أعمال الخير التي يعملها الكافر يجازي بها في الدنيا فقط حتى إذا جاء يو القيامة وجد صحيفة حسناته بيضاء، وقيل: يخفف بها عنه من عذاب غير الكفر" (٣).

وقد أجاب القائلون بوزن أعمال الكافرين عن الاستدلال بهذه الآية: بأن المقصود بأنه تعالى لا يقيم لهم وزناً نافعا. بل ذهب الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب إلى أن هذه الآية تدل على وزن أعمال الكفار فقال: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (١٠٥)} أي: لا يثقل لهم ميزان بعمل صالح ... وهذا النص يدل على وزن أعمال الكفار، فلا يثقل بها ميزان إذا كانت لغير الله، وإذ كان لا يصحبها توحيد، ولا إيمان بالرسل (٤).


(١) الزمخشري: الكشاف (٢/ ٧٤٩)، الرازي: مفاتيح الغيب: (٢١/ ٥٠٢)
(٢) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٨٤ هـ، (١١/ ٦٦)
(٣) محمد هراس: شرح العقيدة الواسطية، دار الهجرة - الخبر، ط ٣ ١٤١٥ هـ، ص (٢١٠)
(٤) مكي بن أبي طالب: الهداية إلى بلوغ النهاية (٦/ ٤٤٨٠).

<<  <   >  >>