للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأثبتت هذه الآيات الكريمات صفات الآخذين لصحائف أعمالهم وظاهرها أنها ثلاث صفات، والذي عليه علماء السلف أنها صفتان:

١ - إما أن يأخذها بيمينه، وهذا للمؤمن.

٢ - وإما أن يأخذها بشماله، وهذا للكافر.

وأما قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠) فقد قال الإمام مجاهد: "يجعل شماله وراء ظهره فيأخذ كتابه"، وقال الإمام يحى بن سلام:"ثم تُخلع كتفه اليسرى، فتجعل وراء ظهره، ثم يُعطى كتابه بشماله، ويقال له: انطلق إلى أصحابك، فأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا " (١).

وقال الإمام الطبري في الجمع بين الآيات:"وأما من أعطي كتابه منكم أيها الناس يومئذ وراء ظهره، وذلك أن جعل يده اليمنى إلى عنقه، وجعل الشمال من يديه وراء ظهره، فيتناول كتابه بشماله من وراء ظهره، ولذلك وصفهم جل ثناؤه أحياناً أنهم يؤتون كتبهم بشمائلهم، وأحياناً أنهم يؤتونها من وراء ظهورهم " (٢).

وقد نقل الإمام القرطبي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله في معنى هذه الآية:" يمد يده اليمنى ليأخذ كتابه، فيجذبه ملك فيخلع يمينه، فيأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره ".

وقال قتادة ومقاتل: يفك ألواح صدره وعظامه، ثم تدخل يده وتخرج من ظهره، فيأخذ كتابه كذلك" (٣).

إذن: فلا تنافي بين الآيتين السابقتين، في بيان أخذ الكافر كتابه بشماله ومن وراء ظهر، إذ يظهر من كلام الأئمة السابق ذكرهم وغيرهم:

- أن الكافر تنقل يمناه إلى عنقه، وتجعل يسراه وراء ظهره، فيأخذ بها كتابه (٤).

- وذكر بعض أهل العلم خلافاً في المسلم العاصي، هل يأخذ كتابه بيمينه أم بشماله؟


(١) مجاهد: تفسير مجاهد: ص (٧١٤)، يحى بن سلام: تفسير يحى بن سلام: (١/ ١٢٢).
(٢) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (٢٤/ ٣١٥)
(٣) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - - ١٣٨٤ هـ، (١٩/ ٢٧٢).
(٤) القرطبي: التذكرة:، ص (٦٢٢)، السفاريني: لوامع الأنوار: (٢/ ١٨٢)، الشنقيطي: دفع إبهام الاضطراب: ص (٢٥٥)، الرازي: مفاتيح الغيب: (٣١/ ٩٩).

<<  <   >  >>