للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن ذهب إلى هذا القول الإمام البيهقي فقال في شعب الإيمان:" وقال في آية: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١)} [القارعة: ٩ - ١١]، وهذا الوعيد بالإطلاق لا يكون إلا للكفار، فإذا جُمع بينه وبين قوله: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)} [الأنبياء:٤٧]، ثبت أن الكفار يُسألون عن كل ما خالفوا به الحق من أصل الدين وفروعه، إذا لو لم يُسألوا عما وافقوا فيه أصل تدينهم من ضروب تعاطيهم ولم يحاسبوا بها، لم يعتد بها في الوزن أصلاً، وإذا كانت موزونة في وقت الوزن، دل ذلك على أنهم محاسبون بها في موقف الحساب" (١).

ويقول العلامة المنوفي: "والحساب: هو أن يعدد عليه كل ما فعل من حسنة وسيئة، فيحاسب المؤمن بالفضل والمنافق والكافر بالحجة والعدل " (٢).

وقال العلامة العدوي في حاشيته، شارحاً كلام المنوفي:" أنه لما كان في حساب المؤمنين ستر وغفران ناسب الفضل، ولما كان في حساب الكافر الهتك ناسب العدل" (٣).

وقد جعل الإمام الرازي محاسبة الكافر من الأمور الواجبة، بحكم الوعد الذي لا يخلف (٤).

وصحح هذا القول من العلماء المعاصرين جماعة، منهم: الشيخ عمر الأشقر، والشيخ أبو بكر الجزائري، والشيخ عبد الله الفوزان.

يقول الشيخ عمر الأشقر: "والصحيح أن الكفار محاسبون مسؤولون، كما أن أعمالهم توزن" (٥).


(١) البيهقي: شعب الإيمان، مكتبة الرشد - الرياض، ط ١ ١٤٢٣ هـ (١/ ٤٣٨).
(٢) انظر: العدوي: حاشية العدوي على الكفاية: (١/ ٩٠).
(٣) العدوي: حاشية العدوي على الكفاية، دار الفكر - بيروت ن دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (١/ ٩٠)
(٤) الرزاي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٣١/ ١٤٧).
(٥) الأشقر: القيامة الكبرى، دار النفائس - الأردن، ط ٦ ١٤١٥ هـ، ص (١٩٦).

<<  <   >  >>