وقد ناظر الإمام ابن شاقلا أبا سليمان الدمشقي في مسائل، ومنها مسألتنا هذه - حساب الكفار يوم القيامة - وفي هذه المناظرة فوائد أسوقها بلفظها: قال: ثم ذكرت حساب الكفار فقال لي: قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْكَافِرَ لَيُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُلْجِمَهُ الْعَرَقُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَرِحْنِي وَلَوْ إِلَى النَّارِ»، فهلا قلت به؟ فقلت له: ليس يحل ما روي صحيحاً أو سقيماً أن نقول به، وإنما تعبدنا بالصحيح دون السقيم، والصحيح معلوم عند أهل النقل بعدالة ناقليه، متصلاً إلى المخبر عنه، والسقيم معلوم بجرح ناقليه وهذا الخبر الذي رويته، رواه إبراهيم بن مهاجر بن مسمار، يعني: وهو متروك الحديث، ضعيف عند أهل العلم، وليس هذا مما تقوم به حجة فقال لي: فأي شيء معك في أنهم لا يحاسبون؟ فقلت له: إن شئت من كتاب الله وإن شئت من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وإن شئت من قول صحابته رضي الله عنهم فقال لي منكراً لقولي في الصحابة من قال هذا؟ فقلت: نعم قرأت على أبي عيسى يحي بن محمد بن سهل الخصيب العكبري بعكبرا قال: حدثنا محمد بن صالح بن ذريح العكبري، قال: حدثنا محمد هناد بن السري قال: حدثنا معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: من حوسب دخل الجنة، يقول الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩)} [الإنشقاق:٧ - ٩]، ويقول للآخرين: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (٤١)} [الرحمن:٣٩ - ٤١]، فقال لي: قد سمعت هذا الحديث من أبي علي الصواف قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الخالق قال: حدثنا أبو الحسن عبد الوهاب الوراق عن أبي معاوية الضرير، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بمثل معناه، يعني: من حوسب دخل الجنة، فقال لي: هو المسلم