للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الإمام القرطبي:" والصحيح: أن للنبي - صلى الله عليه وسلم - حوضين، وكلاهما يسمى كوثراً، وأن الحوض الذي يذاد عنه من بدل وغيّر، يكون في الموقف قبل الصراط" (١).

وكذا مال لهذه القول الإمام ابن كثير، علله:" بأنه يذاد عنه أقوام يقال عنهم: إنهم لم يزالوا يرتدون على أعقابهم منذ فارقتهم، فإن كان هؤلاء كفاراً فالكافر لا يجاوز الصراط، بل يكب على وجهه في النار قبل أن يجاوزه، وإن كانوا عصاة فهم من المسلمين، فيبعد حجبهم عن الحوض، لاسيما وعليهم سيما الوضوء، ثم من جاوز لا يكون إلا ناجياً مسلماً، فمثل هذا لا يحجب عن الحوض، فالأشبه و- والله أعلم - أن الحوض قبل الصراط" (٢).

وقيل: الحوض بعد الصراط، نقله الإمام القرطبي عن صاحب القوت (٣) ... وهو صنيع الإمام البخاري، كما أشار إليه الحافظ ابن حجر (٤)، وهو ما صرح به الإمام الغزالي في عقيدته فقال: "يشرب منه المؤمنون قبل دخول الجنة وبعد جواز الصراط" (٥). قال العلامة السفاريني:" ورجح القاضي عياض: أن الحوض بعد الصراط، وأن الشرب منه يقع بعد الحساب والنجاة من النار" (٦).

والأقرب من القولين - والعلم عند الله تعالى - الأول؛ لأن المقام يقتضيه حيث إن الناس في حاجة إلى الشرب في العرصات قبل الصراط (٧).

ويمكن أن يجمع بينهما: "بأن يقع الشرب من الحوض قبل الصراط لقوم وتأخيره بعده لآخرين، بحسب ما عليهم من الذنوب والأوزار، حتى يهذبوا منها على الصراط" (٨).


(١) القرطبي: التذكرة، دار المنهاج - الرياض، ط ١ ١٤١٥ هـ، ص (٧٠٣).
(٢) ابن كثير: النهاية، دار الجيل - بيروت، ١٤٠٨ هـ (١/ ٤١٣).
(٣) القرطبي: التذكرة، مكتبة دار المنهاج - الرياض، ط ١ ١٤٢٥ هـ، ص (٧٠٢).
(٤) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١١/ ٤٦٦).
(٥) الغزالي: بداية الهداية، دار المنهاج - جدة، ط ١ ١٤٢٥ هـ، ص (٢٨٥).
(٦) السفاريني: لوامع الأنوار، مكتبة الخافقين - دمشق، ط ٢ - ١٤٠٢ هـ (٢/ ١٩٥).
(٧) العثيمين: مجموع فتاوى العثيمين، دار الوطن، ١٤١٣ هـ (٨/ ٥٨٦).
(٨) السفاريني: لوامع الأنوار، مكتبة الخافقين - دمشق، ط ٢ - ١٤٠٢ هـ (٢/ ١٩٥).

<<  <   >  >>