للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام ابن القيم في الجمع بين القولين، بعد أن حكى كلام الإمام القرطبي والغزالي وأنهما غلطا من يقول إنه قبل الصراط:" وأصحاب هذا القول إن أرادوا أن الحوض لا يرى ولا يوصل إليه، إلا بعد قطع الصراط فحديث أبي هريرة هذا وغيره يرد قولهم، وإن أرادوا أن المؤمنين إذا جاوزوا الصراط وقطعوه بدا لهم الحوض فشربوا منه، فهذا يدل عليه حديث لقيط هذا، وهو لا يناقض كونه قبل الصراط، فإن قوله: «طوله شهر، وعرضه شهر»، فإذا كان بهذا الطول والسعة، فما الذي يحيل امتداده إلى وراء الجسر فيرده المؤمنون قبل الصراط وبعده، فهذا في حيز الإمكان، ووقوعه موقوف على خبر الصادق" (١).

(ب): إن قيل: ما السر في وجود الحوض؟

فالجواب: شدة العطش، والعرق الكثير يومئذ؛ لأن الشمس تدنى من رؤوس الخلائق، فيشتد العطش والعرق، فجعل له الحوض على عادة العرب، في جعل الأحواض للواردين عليها كالضيافة (٢).

(ج) هل لكل نبي حوضاً؟

وردت جملة من الآثار، اختلف العلماء في أسانيدها، فاعتمد عليها جماهير أهل العلم في الحكم بأن لكل نبي حوضاً، في حين نفى البعض أن يكون لكل نبي حوضاً، وحكم على هذه الآثار بالضعف، وجعل الحوض من الخصائص النبوية لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في حين ذهب الأولون إلى أن الخصيصة في الحوض هو: ورود الأحاديث في صريحة وواضحة، فهذا وجه التخصيص، أو أن الأمر الذي اختص به نبينا - صلى الله عليه وسلم -، هو الكوثر، أما الحوض فإن لكل نبي حوضاً، إلا أن حوض نبينا - صلى الله عليه وسلم -، هو أكبر الأحواض وأكثرها وارداً.

فاختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال ثلاثة:

١ - أن لكل نبي حوضاً.

٢ - أن الحوض خاص بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.

٣ - أن لكل نبي حوضاً إلا نبي الله صالح عليه السلام، فإن حوضه ضرع ناقته، وهذا القول نقله الإمام القرطبي، عن البكري المعروف بابن الواسطي، وذكره الإمام البربهاري في شرح السنة (٣).


(١) ابن القيم: زاد المعاد، مؤسسة الرسالة - بيروت ن ط ٢٧ - ١٤١٥ هـ (٣/ ٥٩٦).
(٢) ابن الجوزي: كشف المشكل، دار الوطن - الرياض، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (١/ ٣٠٥).
(٣) القرطبي: التذكرة، دار المنهاج ص (٣١٧)، البربهاري: شرح السنة، ص (٤٤)

<<  <   >  >>