للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الحافظ ابن حجر في شرح حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قُمْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينَ، وَأَصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ «(١):"أصحاب الجد (بفتح الجيم) أي الغنى، قوله (محبوسون): أي ممنوعون من دخول الجنة مع الفقراء، من أجل المحاسبة على المال، وكان ذلك عند القنطرة التي يتقاصون فيها بعد الجواز على الصراط " (٢).

وقال الإمام القرطبي:" هؤلاء المؤمنون هم الذي علم الله أن القصاص لا يستنفذ حسناتهم" (٣).

واختلف الأئمة في كيفية القصاص: هل هو بالحسنات والسيئات، أم بالأبدان، أم بالتتارك؟

مذهب الإمام ابن بطال أن التقاص هنا، يكون بالحسنات والسيئات. ... وقال المهلب: هذه المقاصة إنما تكون في مظالم الأبدان، من اللطمة وشبهها مما للمظالم فيه ممكن لأداء القصاص فيه، بحضور بدنه، فيقال للمظلوم: إن شئت أن تنتصف، وإن شئت أن تعفو للأجر (٤).

وقال العلامة العيني: "معنى يتقاصون: يتتاركون؛ لأنه ليس موضع مقاصة ولا محاسبة، لكن يلقي الله عز وجل، في قلوبهم العفو لبعضهم عن بعض، أو يعوض الله بعضهم من بعض " (٥).

واختلف الأئمة كذلك في القنطرة: هل هي جسر خاص، أم هو جزء من الصراط المنصوب على متن جهنم؟ فذهب البعض إلى أنها صراط خاص، لا علاقة لها بالصراط المنصوب على متن جهنم، وممن ذهب إليه الإمام القرطبي وسماه الصراط الثاني (٦). ومال إليه العلامة العيني (٧).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار ح (٦٥٤٧).
(٢) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١١/ ٤٢٠)
(٣) القرطبي: التذكرة، مكتبة دار المنهاج - الرياض، ط ١ ١٤٢٥ هـ، ص (٧٦٧)
(٤) ابن بطال: شرح صحيح البخاري، مكتبة الرشد - الرياض، ط ٢ - ١٤٢٣ هـ (٦/ ٥٦٩)
(٥) العيني: عمدة القاري، دار إحياء التراث العربي - بيروت،: (١٢/ ٢٨٦)
(٦) القرطبي: التذكرة، مكتبة دار المنهاج - الرياض، ط ١ ١٤٢٥ هـ، ص (٧٦٧)
(٧) العيني: عمدة القاري، دار إحياء التراث العربي - بيروت: (١٢/ ٢٨٥)

<<  <   >  >>