للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما خص الله جل وعلا به نبيه - صلى الله عليه وسلم - من كونه أول من يستفتح باب الجنة ... هو بسبب سؤال أهل الموقف له، يقول الحافظ ابن حجر:" وتقدم في بعض طرقه، أن من جملة سؤال أهل الموقف استفتاح باب الجنة" (١).

وقوله (فأستفتح): أي أطلب فتح الباب، ويكون بالقرع لا بالصوت كما يرشد إليه خبر أحمد: (آخذ بحلقة الباب فأقرع) (٢).

ومما يدل على كمال التشريف والتكريم للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث هذا قوله ... (فأستفتح): وذلك أن الفاء محتملة لمعنى: السببية، والتعقيب، ووجه السببية: أي يتسبب عن الإتيان الاستفتاح.

وأما التعقيب فوجهه: الإشارة إلى أنه قد أذن له من ربه بغير واسطة أحد لا خازن ولا غيره، وذلك من أن ورد باب كبير، فالعادة أن يقف حتى ينتهي خبره إليه ويستأمر، فإن أذن في إدخاله فتح له، فالتعقيب إشارة إلى أنه قد صانه ربه عن ذل الوقوف، وأذن له في الدخول قبل الوصول، بحيث صار الخازن مأموره منتظراً لقدومه.

ويظهر وجه الشرف أيضاً في قول الخازن للنبي - صلى الله عليه وسلم -:" بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ ".

وفي رواية: "ولا أقوم لأحد بعدك"، وذلك لأن قيامه إليه خاصة، إظهاراً لمرتبته ومزيته، ولا يقوم في خدمة أحد غيره (٣).

ولذا لا يكاد يخلو مُصنف من مصنفات أهل السنة والجماعة، من ذكر فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - وخصائصه. وذُكر في السنة المطهرة، روايات تبين معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (فأستفتح):


(١) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١١/ ٤٣٦).
(٢) المناوي: التيسير بشرح الجامع الصغير: (١/ ٧)، المناوي: فيض القدير: (١/ ٣٥).
(٣) المناوي: فيض القدير: (١/ ٣٥)، ابن القيم: حادي الأرواح، ص (١١٠).

<<  <   >  >>