للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذن: فهذه الأمة المرحومة، وإن تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية فهي سابقة لهم في الآخرة، بأنهم أول من يحشر، وأول من يحاسب، وأول من يقضى بينهم، وأول من يدخل الجنة (١).

ومما يؤكد هذه الأولية لهذه الأمة في دخول الجنة: ما جاء عن عمر رضي الله عنه قال، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الْجَنَّةُ حُرِّمَتْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى أَدْخُلَهَا، وَحُرِّمَتْ عَلَى الْأُمَمِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أُمَّتِي» (٢). وهذه فضيلة لهذه الأمة.

يقول الحلبي في سيرته عن هذه الرواية وغيرها: " منقبة عظيمة لهذه الأمة المحمدية، وهي أنه لا يدخل أحد الجنة من الأمم السابقة، ولو من صلحائها، وعلمائها، وزهادها، حتى يدخل من كان يعذب في النار من عصاة هذه الأمة، بناء على أنه لا بد من تعذيب طائفة من هذه الأمة في النار، ولا بُعد في ذلك؛ لأنه تقدم أن أول من يحاسب من الأمم هذه الأمة، فيجوز أن الأمم لا يفرغ حسابهم، ولا يأتون إلى باب الجنة، إلا وقد خرج من كان يعذب من هذه الأمة في النار، ودخل الجنة " (٣).

وورد في السنة أن لهذه الأمة باباً خاصاً يدخلون منه:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَرَانِي بَابَ الْجَنَّةِ الَّذِي تَدْخُلُ مِنْهُ أُمَّتِي» (٤).


(١) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (٢/ ٣٥٤)
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط ح (٩٤٢)، دار الحرمين - القاهرة (١/ ٢٨٩)، وحسن إسناده العلامة الحلبي في السيرة الحلبية، دار الكتب العلمية (١/ ٣٣٢)
(٣) الحلبي: السيرة الحلبية، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ٢ - ١٤٢٧ هـ (١/ ٣٣٢)
(٤) أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب السنة، باب في الخلفاء ح (٤٦٥٢) المكتبة العصرية - بيروت.

<<  <   >  >>