للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الشفاعة الثالثة: فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها " (١).

من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بالشفاعة يوم الدين، وأنها حق دلت عليها دلائل الكتاب والسنة، واتفقت على القول بها الأمة، فاستفاضت أقوالهم واشتهرت مقالاتهم في الإيمان بالشفاعة، وأنها لا تكون إلا بشرطين:

١ - رضا الله عن المشفوع له.

٢ - أذن الله تعالى للشافع أن يشفع.

يقول سبحانه وتعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (٢٦)} [النجم:٢٦]، ويقول جل وعلا: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (١٠٩)} [طه:١٠٩]، ويقول جلا وعلا: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:٢٨].

والشفاعة كما أنها في القرآن مثبتة فكذلك هي فيه منفية، وهي الشفاعة ... الباطلة التي يتعلق بها المشركون في أصنامهم، يتعلقون بها، ويدعون أنها تقربهم إلى الله زلفى، يقول الله جل شأنه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)} [يونس:١٨].

ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:٣]، ولكن الله جل وعز نفى هذه النوع من الشفاعة وبين بطلانه، وأنها لا تغني شيئاً: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)} [المدثر:٤٨] (٢).


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية:
(٢) ابن تيمية: الإيمان، المكتب الإسلامي - الأردن، ط ٥ ١٤١٦ هـ، ص (٦٦)

<<  <   >  >>