للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بوّب الإمام البخاري في صحيحه باباً قال فيه باب:" لكل نبي دعوة مستجابة "، وذكر فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ يَدْعُو بِهَا، وَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الآخِرَةِ» (١). يقول الإمام ابن بطال:" وفي هذا الحديث بيان فضيلة نبينا - صلى الله عليه وسلم -على سائر الأنبياء عليهم السلام، حين آثر أمته بما خصه الله به من إجابة الدعوة بالشفاعة لهم، ولم يجعل ذلك في خاصة نفسه وأهل بيته ... فجزاه الله عن أمته أفضل الجزاء، وصلى الله عليه أطيب الصلاة، فهو كما وصفه الله: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة:١٢٨] (٢).

وهذا الحديث أصل في إثبات الشفاعة، يقول الإمام ابن عبد البر: "وفي هذا الحديث إثبات الشفاعة، وهو ركن من أركان اعتقاد أهل السنة، وهم مجمعون أن تأويل قول الله عز وجل: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩)} [الإسراء:٧٩]، المقام المحمود: هو شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في المؤمنين من أمته، ولا أعلم في هذا مخالفاً إلا شيئاً رويته عن مجاهد، وقد رُوي عنه خلافه على ما عليه الجماعة، فصار إجماعاً منهم" (٣).

ويقول الإمام الباجي: "وهذا يدل على ثبوت الشفاعة له في الآخرة" (٤).

وحوى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - في الواسطية - المذكور أول المطلب جملة من المسائل:


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب لكل نبي دعوة مستجابة ح (٦٣٠٤)، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته ح (١٩٨).
(٢) ابن بطال: شرح صحيح البخاري، مكتبة الرشد - الرياض، ط ٢ - ١٤٢٣ هـ (١٠/ ٧٥)
(٣) ابن عبد البر: الاستذكار، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٢١ هـ (٢/ ٥٢٠)
(٤) أبو الوليد الباجي: المنتفى شرح الموطأ، مطبعة السعادة - مصر، ط ١ ١٣٣٢ هـ (١/ ٣٥٦)

<<  <   >  >>