للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول العلامة السفاريني عن هذه الشفاعة:" لكن هذه الشفاعة العظمى مجمع عليها، لم ينكرها أحد ممن يقول بالحشر، إذ هي للإراحة من طول الوقوف، حين يتمنون الانصراف من موقفهم ذلك ولو إلى النار " (١).

وهذه الشفاعة من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول الإمام ابن الملقن في كتاب الخصائص:" أن له - صلى الله عليه وسلم - شفاعات: أولاهن: الشفاعة العظمى في الفصل بن أهل الموقف، حين يفزعون إليه بعد الأنبياء، كما ثبت في الصحيح في حديث الشفاعة" (٢).

وهنا يتبادر سؤال وهو: متى كانت هذه الشفاعة خاصة لنبينا - صلى الله عليه وسلم - فلِمَ لم يلهم الناس المجيء إلى صاحبها؟

يقول الحافظ ابن حجر: "ولعل الله تعالى أنساهم ذلك؛ للحكمة التي تترتب عليه، من إظهار فضل نبينا - صلى الله عليه وسلم -" (٣).

واستدل الأئمة على إثبات هذه الشفاعة بما يلي:

أ. قال الله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩)} [الإسراء:٧٩].

ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، تفسير المقام المحمود بالشفاعة العظمى يقول: "إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاً، كل أمة تتبع نبيها يقولون يا فلان اشفع لنا، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود " (٤).

وهذا القول هو الصحيح في تفسير (المقام المحمود) وهو الذي دلت عليه الدلائل، وعليه جمهور الصحابة ومن بعدهم، حتى بالغ الإمام الواحدي وحكى فيه إجماع المفسرين (٥).

وقد حكاه الإمام ابن عبد البر كذلك (٦).


(١) السفاريني: لوامع الأنوار، مكتبة الخافقين - دمشق، ط ٢ - ١٤٠٢ هـ (٢/ ٢٠٨).
(٢) ابن الملقن: غاية السول، دار البشائر - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، ص (٢٦٣).
(٣) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١١/ ٤٤١).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، ح (٤٧١٨) دار طوق النجاة، ط ١ ١٤٢٢ هـ.
(٥) الواحدي: التفسير الوسيط، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤١٥ هـ (٣/ ١٢٢).
(٦) ابن عبد البر: الاستذكار، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٢١ هـ (٢/ ٥٢٠).

<<  <   >  >>