للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه النصوص وغيرها تدل على وجوب الإيمان باليوم الآخر، ووجوب اعتقاده والتصديق به، فمن أنكره فهو كافر، يقول جل وعلا: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧)} [التغابن:٧] ففي هذه الآية الكريمة أكد المولى عز وجل الإخبار باليوم الآخر باليمين لأن التهديد به أعظم في القلب، فكأنه قيل لهم: ما تنكرونه واقع لا محالة أُقسم لكم بربي، (ثم لتُنبئن بما عملتم) أي: لتحاسبن ولتجزون بأعمالكم من خير وشر، (وذلك) البعث والجزاء، (على الله يسير) لتحقق القدرة. (١)

وإن إنكار المعاد واليوم الآخر، سبب لإنكار ما عداه، " فإن منشأ إنكار المشركين لوحدانية الله، وتكذيبهم برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - وطعنهم بالقرآن هو: إنكار يوم القيامة، وعدم الإيمان باليوم الآخر؛ لأن من آمن به تبصر وتدبر ولم يكن متهورا في سوء الاعتقاد " (٢).

وذكر سبحانه وتعالى أن عدم الإيمان باليوم الآخر سبب من أسباب عدم قبول الحق الذي دعوا إليه، فقال جل وعلا: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢)} [النحل:٢٢] " فذكر سببين حائلين بينهم، وبين قبول الحق الذي دعوا إليه، فالأول: عدم الإيمان باليوم الآخر ... والثاني: التكبر، وهو حال الأكثرين، كما قد عُرف من حال الأمم " (٣)

فكفر منكر اليوم الآخر ظاهر، يقول الإمام أبو حيان: " فمن أنكر الملائكة، أو القيامة فهو كافر " (٤).


(١) المنصوري: المقتطف من عيون التفاسير ت: محمد الصابوني، (٥/ ٢٥٩).
(٢) الزحيلي: التفسير المنير، دار الفكر المعاصر - دمشق، ط ٢ - ١٤١٨ هـ، (١٩/ ٣٢).
(٣) عبد اللطيف آل الشيخ: عيون الرسائل والأجوبة على المسائل (٢/ ٦٥٤)، وانظر: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (١/ ٣٧٦).
(٤) أبو حيان: البحر المحيط: (٤/ ٩٩).

<<  <   >  >>