للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الجمع في هذه الآية الكريمة، من التكريم في أولها، والتفضيل في آخرها وجه بديع: وذلك "أن الله تعالى كرم الإنسان على سائر الحيوان بأمور خلقية ذاتية طبيعية، مثل: العقل، والنطق، والخط، وحسن الصورة ثم إنه سبحانه وتعالى عرفه بواسطة ذلك العقل والفهم، اكتساب العقائد الصحيحة، والأخلاق الفاضلة، فالأول هو التكريم، والثاني هو التفضيل" (١).

ومن أوجه التكريم نشأت خصائص التكليف، فخصائص الإنسان في القرآن الكريم تتمثل في جهتين:

١ - جهة التكليف والمسؤولية، وما يتبع ذلك من أخلاق.

٢ - وجهة العقل، وما يتبع ذلك من العلم.

وبالمسؤولية والعلم، يتميز الإنسان عن سائر المخلوقات (٢)، وبقدر تمسكه بالتكاليف الشرعية، يكون شعوره بالطمأنينة، والسعادة، والرضا، والقناعة ملازماً له في حياته، مع أن ملاك أمر الإنسان العاقل في هذه المسألة أمور ثلاثة (٣):

(أ) الاعتدال في الإقبال على الدنيا.

(ب) أن يدرك حقيقة رسالته في الحياة، وهي أن يُعمر الحياة بالمثل العليا من إيمان بالله تعالى، وتواصي بالحق، وتعامل بالحب والإيثار.

(ج) أن يروض نفسه على التفاؤل، والبشر، والابتسام، والتسامح.

وبعد هذا البيان، نقف على بعض مظاهر التكريم الإلهي للإنسان فيما يلي:

١/ أن الله جل وعلا خلق الإنسان الأول، آدم عليه الصلاة والسلام، بيده الشريفة، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء الأشياء فأي إكرام بعد هذا الإكرام.

٢/ أن الله جل وعلا خلقه في أحسن صورة، وأجمل منظر، يقول سبحانه وتعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)} [التين:٤].


(١) الخازن: لباب التأويل، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤١٥ هـ (٣/ ١٣٨)
(٢) عبد المعطي بيومي: خصائص الإنسان في القرآن الكريم: بحث منشور في موقع المؤلف على الشبكة العنكبوتية، منشور في حولية كلية أصول الدين: العدد (٨) بتاريخ ١٤١١ هـ.
(٣) محمد الهاشمي: ومضات الخاطر، دار البشائر - بيروت، ط ١ ١٤٠٨ هـ، ص (١٨٧)

<<  <   >  >>