للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - كرمناهم: بتعديل القامة، وانتصابها، وامتدادها.

٧ - كرمناهم: بحسن الصورة.

٨ - كرمناهم: بالكلام والخط.

وجماع الأمر: أنهم كرموا على جميع المخلوقات، من البهائم، والسباع والجن، والشياطين، بما أعطوا من التمييز، وبصر من الهدى (١).

وهنا يشير الجاحظ إلى وجه من أوجه هذا التكريم، وهو ما من الله جل وعلا به لهذا الكائن من إمكان النطق، والتعبير عما تجيش به نفسه، فقال: "فاعلم أن الكلام من أسباب الخير، لا من أسباب الشر.

والكلام أبقاك الله، سبيل التمييز بين الناس والبهائم، وسبب المعرفة لفضل الآدميين على سائر الحيوان، قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الإسراء:٧٠]، كرمهم باللسان وجملهم بالتدبر ولو لم يكن الكلام، لما استوجب أحد النعمة، ولا أقام على أداء ما وجب عليه من الشكر سببا للزيادة، وعلة لامتحان قلوب العباد، والشكر بالإظهار في ... القول، والإبانة باللسان، ولا يعرف الشكر إلا بهما" (٢).

فكرم الله جل وعلا الإنسان بهذه المكارم، ووهبه هذه الأعطيات والمواهب مع تفضيله على كثير ممن خلق تفضيلاً، "فعُلم بهذه الآية: أن الإنسان صفوة العالم، وخلاصته، وسلالته، وخاصته، ونخبته، وثمرته، وزبدته" (٣).


(١) * من اللطيف ما ذكره كمال الدين الأنباري في علة كون الأصل في الجمع السالم لمن يعقل، فإن قيل: إن الأصل في الجمع السالم أن يكون لمن يعقل؟ قيل: تفضيلاً لهم؛ لأنهم المقدمون على سائر المخلوقات بتكريم الله تعالى لهم، وتفضيله إياهم. أسرار العربية: ٦٦.
(٢) الجاحظ: رسائل الجاحظ، مكتبة الخانجي - القاهرة، ١٣٨٤ هـ، (٤/ ٢٣٦).
(٣) برهان الدين الوطواط: مباهج الفكر، ت: عبدالرزاق الحربي، (١/ ١).

<<  <   >  >>