للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الإمام السمعاني:" دعا إبراهيم أن يرزق من الثمرات المؤمنين خاصة {قَالَ وَمَنْ كَفَرَ} ... يقول الله: والكافرين أيضاً؛ وذلك أن الله سبحانه وتعالى وعد الرزق للخلق كافة، مؤمنهم وكافرهم" (١)، فاشتملت آية التكريم، على جملة من إفضال الباري على هذا المخلوق دون ما سواه، فكرمه على سائر المخلوقات فقال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}.

فهذا اللفظ القرآني الفاضل، حمل في طياته صور التكريم، وضُمِّنَ في فحواه مدار التعظيم، لهذا الكائن الكريم. وقد أفاض العلماء في بيانها، والإشارة إليها، بأوجه متنوعة، وأحرف مختلفة، كلها تتفق على معنى التكريم والتشريف لهذا المخلوق الكريم على خالقه. وما ذُكر وأُشير إليه في بيان معنى هذا التكريم، فإنما هو على سبيل التمثيل لا الحصر، يقول الإمام أبو حيان:" وما جاء عن أهل التفسير من تكريمهم وتفضيلهم بأشياء ذكرها، هو على سبيل التمثيل لا الحصر في ذلك" (٢).

ومع أن الإمام القرطبي جزم بأن مدار التكريم هو العقل فقال: "والصحيح الذي يعول عليه، أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يعرف الله، ويفهم كلامه، ويوصل إلى نعيمه وتصديق رسله" (٣)،إلا أنه لا يمنع حمل الآية على ما هو أعم، مما له دلالة على تكريم هذا المخلوق والكائن العجيب.

فمما قيل في معنى الإكرام ووجه التكريم (٤):

١ - كرمناهم: بأن جعلنا لهم عقولاً، وتمييزاً، ونطقا.

٢ - كرمناهم: بأن جعلنا منهم خيرا أمة أخرجت للناس.

٣ - كرمناهم: بأن يأكلوا ما يتناولونه من الطعام والشراب بأيديهم، وغيرهم يتناوله بفمه.

٤ - كرمناهم: بالأمر والنهي.

٥ - كرمناهم: بأن سخرنا جميع الخلق لهم.


(١) السمعاني: تفسير القرآن، دار الوطن - الرياض، ط ١ ١٤١٨ هـ (١/ ١٣٨).
(٢) أبو حيان: البحر المحيط، دار الفكر - بيروت، ١٤٢٠ هـ، ت: صدقي جميل، ص (٧/ ٨٤).
(٣) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٨٤ هـ، (١٠/ ٢٩٤).
(٤) الماوردي: النكت والعيون (٣/ ٢٥٧)، ابن الجوزي: زاد المسير: (٣/ ٣٩) ,

<<  <   >  >>