للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينت الآية الكريمة: حال المؤمنين المصدقين الموقنين، وحال المنافقين المشككين المتحيرين، في القعود عن الغزو، فالمؤمنون الصادقون الذين يرون أن الجهاد قربة، فلإيمانهم بالله وباليوم الآخر، وما فيه من عظيم الجزاء للمجاهدين، لما ندبهم إليه بادروا وامتثلوا، بخلاف حال المنافقين الذين لا يرجون ثواب الله في الدار الآخرة، قد ارتابت قلوبهم، حين شكت في دين الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولذا فهم {فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)} فيقدمون رجلاً، ويؤخرون أخرى، فليست لهم قدم ثابتة في شيء، فهم قوم حيارى هلكى (١).

٧ - يقول الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢)} [النور:٢].

في هذه الآية الكريمة: دلالة واضحة في بيان أثر الإيمان بالله واليوم الآخر في إقامة الحدود، يقول الإمام الطبري: "وقوله (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} يقول: إن كنتم تصدقون بالله ربكم وباليوم الآخر، وأنكم فيه مبعوثون لحشر القيامة، وللثواب والعقاب، فإن من كان بذلك مصدقاً ... فإنه لا يخالف الله في أمره ونهيه؛ خوف عقابه على معاصيه" (٢).

يقول سعيد بن جبير: قوله: (إن كنتم) يعني: الحكام (تؤمنون) يعني: تصدقون، (بالله) يعني: بتوحيد الله، (واليوم الآخر) يعني وتصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، فأقيموا الحدود (وليشهد) يعني: وليحضر (عذابهما) يعني حدهما (٣).


(١) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ت: سامي سلامة (٤/ ١٥٩)
(٢) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (١٩/ ٩٣)
(٣) ابن أبي حاتم: تفسير ابن أبي حاتم، مكتبة الباز -مكة المكرمة، ط ٣ ١٤١٩ هـ (٨/ ٢٥١٩)

<<  <   >  >>