للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكم ممن تعدى وظلم، وأسرف في الطغيان، دون رادع يردعه، ولا زاجر يزجره، وما درى هذا المسكين أن عاقبة الظلم والبغي، معجلة في الدنيا قبل الآخرة، فعن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ البَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» (١).

ولا زاجر للظالم عن ظلمه، إلا مواعظ القرآن المذكرة بيوم الوعيد، ولذا قال المولى جل وعلا في هذه الآية: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (٤٢)} [إبراهيم:٤٢]، اليوم الذي يجازى فيه الإنسان بالجليل والحقير، وقال الله جل وعلا: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ... } [سبأ:٣١]، وقال: ... {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢)} [الصافات:٢٢]، وقال: ... {وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (٤٢)} [سبأ:٤٢].

وقد استشعر هذا المعنى الشاعر أبو العتاهية فقال (٢):

أما والله إن الظلم لؤم وما زال المسيء هو الظلوم

إلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم

ستعلم في الحساب إذا التقينا غداً عند الإله من الملوم


(١) أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، باب ح (٢٥١١).
(٢) أحمد شوقي: الفن ومذاهبه، دار المعارف - مصر، ط ١٢، ص (١٦٦).

<<  <   >  >>