للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه جملة من الأخلاق المذمومة , والأمور المحرمة، والآفات المسمومة ... لا يمكن لأي عقوبات دنيوية صارمة أن تقف حداً مانعاً لوقاية النفس البشرية منها، مثل ما يكون لوازع القرآن في التذكير بمعاد الإنسان وسؤاله عن هذه الأعضاء التي فعل بها هذه القبائح، ولهذا قال جل وعلا: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)} [الإسراء:٣٦]، فإما أن يكون المراد: أن المرء يُسأل عن سمعه وبصره وفواده وإما أن يراد به: أن السمع والبصر والفؤاد يُسأل عما فعله المرء (١).

وعلى كلا القولين، فالأمر مخيف، والموقف فظيع، وهو أكبر زاجر للمرء من الوقوع في هذه الأعمال الشنيعة.

ج) يقول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (٤٣)} [إبراهيم:٤٢ - ٤٣].

الظلم من أقبح الأعمال ولذا حرمه المولى جل وعلا على نفسه فقال: {يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا .... } (٢).

وهذا الظلم الممقوت في الشريعة، يشمل الظلم فيما بين العبد وربه، وظلمه لعباد الله تعالى (٣).

وأعظم الظلم هو الشرك بالله عز وجل، قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)} [لقمان:١٣]، وهذه الآية الكريمة فيها: تعزية للمظلوم وتسلية، ووعيد للظالم وتهديد له (٤).


(١) السمعاني: تفسير القرآن، دار الوطن - الرياض، ط ١ ١٤١٨ هـ (٣/ ٢٤٢).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحرم الظلم ح (٢٥٧٧).
(٣) السعدي: تيسير الكريم الرحمن، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ص (٤٢٧).
(٤) السمعاني: تفسير القرآن، دار الوطن - الرياض، ط ١ ١٤١٨ هـ (٣/ ١٢٢).

<<  <   >  >>