للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقصود منه: التفكر والتأمل في آيات القرآن كلها، والفهم الخاص عن الله تعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - (١)، يقول الإمام ابن القيم:" وإنما دعاهم إلى التفكر والتدبر؛ ليطلعهم ذلك على حكمته البالغة، وما فيه من الغايات والمصالح المحمودة، التي توجب لمن عرفها، إقراره بأنه تنزيل من حكيم حميد" (٢).

فتكوين الثراء المعرفي في هذا الباب، يكون بالآيات المسموعة المتلوة وبالآيات المشهودة المرئية، وكلاهما أدلة، وآيات على توحيد الله تعالى وأسمائه وصفاته وكماله، وصدق ما أخبرت به الرسل عنه (٣).

وكذا فإن ما أخبرت به الرسل عن الله جل في علاه، هو مصدر من مصادر تكوين الثراء المعرفي، كحديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ «(٤)، فقوله: إن الله جميل: أي في ذاته، وصفاته وفعاله، وكل جمال صوري، أو جميل معنوي، فهو أثر جماله، فلا جمال، ولا جلال، ولاكمال إلا له سبحانه (٥)، وهذا أثر معرفي كبير، إذ الله جل وعلا له الجمال المطلق، ومن أحق بالجمال، فإن كل جمال في الوجود من آثار صنعته فله جمال الذات، وجمال الصفات، وجمال الأفعال، ولولا حجاب النور على وجهه، لأحرقت سبحات وجهه، ما انتهى إليه بصره من خلقه (٦).

وهذا أحد الوجهين الذي اشتمل عليه الحديث، فإنه اشتمل على وجهين وقاعدتين:

الأولى: تتعلق بالمعرفة، ويتضمنها قوله «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ «.

والثانية: تتعلق بالسلوك، ويتضمنها قوله «يُحِبُّ الْجَمَالَ «.


(١) ابن القيم: الفوائد، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ٢ - ١٣٩٣ هـ، ص (١٧٠).
(٢) ابن القيم: شفاء العليل، دار المعرفة - بيروت، ١٣٩٨ هـ، ص (٢٠٠).
(٣) ابن القيم: مدارج السالكين، دار الكتاب العربي - بيروت، ط ٣ ١٤١٦ هـ (١/ ٦٦).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان: باب تحريم الكبر وبيانه ح (٩١).
(٥) القاري: مرقاة المفاتيح، دار الفكر - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ (٨/ ٣١٩٠).
(٦) المناوي: فيض القدير، المكتبة التجارية الكبرى - مصر، ط ١ ١٣٥٦ هـ (١/ ٢٢٤)

<<  <   >  >>