للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكل ما يصدر عن الله جل وعلا، فإنه جميل وليس بقبيح، بل حسن تستحسنه العقول السليمة، وتستسيغه النفوس، وهذا الجمال لله سبحانه وتعالى حق، وهو إلى الله سبحانه، ليس للإنسان فيه حيلة، وليس له فيه كسب، وإنما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما للإنسان فيه كسب وهو التجمل (١).

يقول الإمام ابن القيم:" وجماله سبحانه على أربع مراتب: جمال الذات وجمال الصفات، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء ... قال ابن عباس: حجب الذات بالصفات، وحجب الصفات بالأفعال، فما ظنك بجمال حجب بأوصاف الكمال، وستر بنعوت العظمة والجلال.

ومن هذا المعنى يفهم بعض معاني جمال ذاته، فإن العبد يترقى من معرفة الأفعال إلى معرفة الصفات، ومن معرفة الصفات إلى معرفة الذات، فإذا شاهد شيئاً من جمال الأفعال، استدل به على جمال الصفات، ثم استدل بجمال الصفات، على جمال الذات. ومن هنا يتبين: أنه سبحانه له الحمد كله وأن أحداً من خلقه لا يحصي ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه " (٢).

وقال في موضع آخر:" والمحبة لها داعيان: الجمال، والجلال، والرب تعالى له الكمال المطلق من ذلك، فإنه جميل يحب الجمال، بل الجمال كله له، والإجلال كله منه، فلا يستحق أن يحب لذاته من كل وجه سواه " (٣).

وأما الجانب السلوكي في الحديث، المقصود من قوله «يُحِبُّ الْجَمَالَ «: فهذا هو مقتضى وموجب الأثر، الذي يحدثه الثراء المعرفي للأسماء والصفات.


(١) ابن عثيمين: شرح رياض الصالحين، دار الوطن - الرياض، ١٤٢٦ هـ، (٣/ ٥٤٢)
(٢) ابن القيم: الفوائد، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ٢ - ١٣٩٣ هـ، ص (١٨٣)
(٣) ابن القيم: الجواب الكافي، دار المعرفة - المغرب، ط ١ ١٤١٨ هـ، ص (٢٢٨)

<<  <   >  >>