للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الإمام ابن القيم:" والرب تعالى يحب أسماءه وصفاته، ويحب مقتضى صفاته وظهور آثارها في العبد، فإنه جميل يحب الجمال، عفو يحب أهل العفو كريم يحب أهل الكرم، عليم يحب أهل العلم، وتر يحب أهل الوتر، قوي والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف، صبور يحب الصابرين، شكور يحب الشاكرين، وإذا كان سبحانه يحب المتصفين بآثار صفاته، فهو معهم بحسب نصيبهم من هذا الأصناف" (١).

ويقول شيخ الإسلام في هذا المعنى:" فإن الشارع قد ذكر أنه يحب إتصاف العبد بمعاني أسماء الله تعالى، كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ « ... «إِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ»، «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا»، «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ»، «إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي»، «إِنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ «" (٢).

٢ - وأما الثراء المعرفي المتعلق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والموجب للأثر التعبدي وغيره فيكون بالنظر إلى أمور:

(أ) النظر إلى شرف نسبه، وطهارة منشئه، عليه الصلاة والسلام. وهذا مما لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه، "فإنه نخبة بني هاشم، وسلالة قريش وحميها وأشرف العرب، وأعزهم نفراً من قبل أبيه وأمه، ومن أهل مكة، ومن أكرم بلاد الله على الله، وعلى عباده" (٣).

عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، قال: قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» (٤).


(١) ابن القيم: عدة الصابرين، دار ابن كثير - دمشق، ط ٣ ١٤٠٩ هـ، ص (٤٨).
(٢) ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية، المجمع لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية، (٦/ ٥٢٠).
(٣) القاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، دار الفيحاء - عمان (١/ ١٨٤).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم ح (٢٢٧٦).

<<  <   >  >>