للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإخلاص لا يحصل إلى بعد الزهد، ولا زهد إلا بتقوى، والتقوى متابعة الأمر والنهي (١)، ولذا كان الإخلاص عزيزاً، قال بعضهم: "في إخلاص ساعة نجاة الأبد، ولكن الإخلاص عزيز " (٢).

والإخلاص مضاد لمحبة المدح والثناء، وقد سئل بعض العارفين عن الإخلاص، فقال: الخالص من الأعمال: ما لا يحب أن يحمد عليه إلا لله عز وجل (٣)، وقال الإمام العز بن عبد السلام:" الإخلاص أن يريد الله بطاعته ولا يريد به سواه " (٤).

ولذا كان من دواعي التزام الإخلاص:" علمه بأن الله تعالى يعلم السر والجهر، وأنه يعلم ما هو أخفى من السر، يعلم مكنونات الضمائر وما تخفي الصدور، وأن السر والجهر عنده عز وجل سواء ... ، علمه بأن الناس ليس لهم من الأمر شيء، ولا يستطيعون النفع والضر إلا بإذن الله تعالى .. ، علمه بأن الإنسان سيواجه جزاءه ولا بد، وأنه سيحاسب على حقيقة أعماله، لا على دعواه، ولا بما أظهره " (٥).

ومن هنا قال الإمام ابن القيم:" لا يجتمع الإخلاص في القلب، ومحبة المدح والثناء، والطمع فيما عند الناس، إلا كما يجتمع الماء والنار، والضب والحوت، فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص، فأقبل على الطمع أولاً فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء، فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع، والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص" (٦).


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (١/ ٩٤).
(٢) الغزالي: إحياء علوم الدين، دار المعرفة - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٤/ ٣٧٨).
(٣) ابن عساكر: تاريخ دمشق، دار الفكر، ١٤١٥ هـ، (٦٦/ ١٥٥).
(٤) ابن عبد السلام: مقاصد الرعاية لحقوق الله عز وجل، دار الفكر - دمشق ص (٥٤).
(٥) الرحيلي: طريقك إلى الإخلاص والفقه في الدين، دار الأندلس الخضراء ص (٣٣).
(٦) ابن القيم: الفوائد، دار الكتب العلمية -بيروت، ط ٢ - ١٣٩٣ هـ، ص (١٤٩).

<<  <   >  >>