للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا المقام أشار الإمام ابن تيمية في القاعدة السابعة من رسالته إلى أهل تدمر: " أن كثيرا مما يدل عليه السمع يُعلم بالعقل أيضا، والقرآن يُبيِّن ما يستدل به العقل، ويرشد إليه، وينبه عليه " (١)، وأشار الشيخ إلى أن التوحيد والنبوة والمعاد سمعية عقلية فقال: " فهذه المطالب هي شرعية من جهتين: من جهة أن الشارع أخبر بها، ومن جهة أنه بيَّن الأدلة العقلية التي يستدل بها عليها " (٢).

وخلاصة القول في هذه المسألة: أن ما يتعلق بالمعاد له جانبان:

الأول: جانب يتعلق بالإمكان، فهذا الجانب قد أقام القرآن الكريم الأدلة ... العقلية على جوازه، وإمكانه، وعدم استحالته، واستخدم عدة أدلة منها:

- قياس الأولى.

- وقياس المثل.

- والاستدلال بصحة الشيء على صحة مثله.

- والاستدلال بصفة القدرة الإلهية.

- والاستدلال بالأدلة الحسية الواقعية.

فهذه الأدلة كلها تصب في جانب الإمكان والجواز.

الثاني: جانب يتعلق بالوقوع والتفاصيل:

فأما وقوعه: فكذلك العقل يدل عليه، وذلك: بالنظر إلى حكمة الله تعالى وعدله، فإذا نظرت إلى حكمة الله تعالى وعدله، ثم رأيت تظالم الناس، قادك ذلك إلى أنه لا بد من يوم يجازى فيه الناس ويحاسبون.

وأما تفاصيله وأخباره: فهذا سمعي بحت، كالأخبار المتعلقة بعذاب القبر، والحشر، والميزان، والصراط، ونحوها من تفاصيل اليوم الآخر. ... فكما أن الإيمان باليوم الآخر ضرورة عقلية إلا أن هذا العقل المجرد يعجز عن معرفة تفاصيل الآخرة، فإن هذه الأمور لا تعرف إلا عن طريق الوحي. (٣)


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى،: (٣/ ٨٨).
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى ك (٣/ ٨٨).
(٣) انظر: أحمد عبداللطيف: شرح الأصفهانية: ٢٠ - ٢١ (مذكرة)، الرازي: مفاتيح الغيب، (٢/ ٣٥٣)

<<  <   >  >>