للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخبار اليوم الآخر لا تعلم إلا بالأدلة السمعية، ولا تقبل فيها دلالة العقل عندهم، بل قال شيخ الإسلام: " وكثير من هؤلاء يعتقدون أن في ذلك ما لا يجوز أن يُعلم بالعقل كالمعاد " (١)، وأشار الشيخ إلى حصر الأشاعرة أمر المعاد في السمعيات فقال: " وأما أمر المعاد فيجعلونه كله من باب السمعيات؛ لأنه ممكن في العقل، والصادق قد أخبره به " (٢).

واختلف الناس في أمر المعاد هل يُعلم بالعقل أم لا؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فذهب كثير من أهل الكلام، وذهب أكثر الناس إلى أن المعاد من الأمور السمعية التي لا تعلم إلا بالسمع، وهو قول كثير من أصحابنا والأشعرية وغيرهم. وذهب طائفة إلى أنه يعلم بالعقل ثم تنوعت مسالكهم: فمنهم من بناه على وجوب العدل، ومنهم من بناه على أن الروح غير البدن " (٣).

وصوَّب الشيخ: " أن معرفته بالسمع واجبة، وأما بالعقل فقد تُعرف وقد لا تعرف، فليست معرفته بالعقل ممتنعة، ولا هي أيضا واجبة " (٤)

" فالإيمان باليوم الآخر أصل كل السمعيات، ليس هو في مذهب أهل السنة والجماعة سمعيا فقط، بل الأدلة عليه من القرآن هي في نفسها عقلية، كما أن الفطر السليمة تشهد به، فهو حقيقة مركوزة في أذهان البشر، ما لم يحرفهم عنها حارف. لكن لو أن العقل حكم باستحالة شيء من تفصيلاته - فرضا وجدلا - فحكمه مردود. وليس إيماننا به متوقفا على حكم العقل، وغاية الأمر: أن العقل قد يعجز عن تصوره، أما أن يحكم باستحالته فغير وارد " (٥).


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (١٦/ ٢٥٢).
(٢) ابن تيمية: شرح الأصفهانية: ص (٨).
(٣) ابن تيمية: جامع المسائل: (٣/ ٢٤٢).
(٤) ابن تيمية: جامع المسائل: (٣/ ٢٤٢).
(٥) الحوالي: منهج الأشاعرة في العقيدة، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، العدد ٦٢، ١٤٠٤ هـ، ص ... (٨٨).

<<  <   >  >>