للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن عمدة كلامهم ومعظمه في إثبات الصانع ثم إثبات صفاته، مبني على ما يُعرف عندهم بالعقليات، التي هي من أصول دينهم. ولذا لحقهم الذم من جهتين: " من جهة ضعف المقاييس التي بنوا عليها، ومن جهة ردهم لما جاءت به السنة " (١)، ثم بين الشيخ خطأ المتكلمين في ظنهم أن طريقة القرآن تُوافق طريقهم من وجوه.

٤ - تقسيم العقائد عند المتكلمين:

أشرنا إلى أن المتكلمين قسموا العقائد إلى: إلهيات، ونبوات، وسمعيات وأن السمعيات تبحث في مسائل المعاد واليوم الآخر، والأسماء والأحكام والإمامة ونحوها (٢).

وأن السمعيات هي الأمور الثابتة بطريق الشرع، فلا مجال للعقل فيها ولذا فإن المعاد، وما يتعلق بأحوال اليوم الآخر، لا يُعلم إلا بالسمع.

ومن هنا قسَّم المتكلمون قضايا العقائد إلى ثلاثة أقسام (٣):

١ - ما لا يدرك إلا بالعقل، ولا تُقبل فيه الدلالة السمعية، وهو ما يحكم العقل بوجوبه.

٢ - ما لا يدرك إلا بالسمع، ولا تُقبل فيه الدلالة العقلية، وهو ما لا يحكم العقل باستحالته.

٣ - ما تشترك فيه الدلالتان السمعية والعقلية، وهو ما يحكم العقل بجوازه استقلالا، أو بمعاضدة الوحي.

فما لا يدرك ولا يثبت إلا بالسمع، كالمعاد، وأخبار اليوم الآخر، لا يقبلون فيه الدلالة العقلية، ولكن شرطوا: تجويز العقل لها، ولذا قال إمام الحرمين: " ... وأما ما لا يدرك إلا بالسمع: فوقوع الجائزات وانتفاؤها " (٤).


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (٢/ ٨).
(٢) التفتازاني: شرح المقاصد: (٢/ ١٧٣).
(٣) أحمد عبداللطيف: منهج إمام الحرمين في دراسة ك: ص (٨٣ - ٩٠)، أحمد عبد اللطيف: شرح الرسالة التدمرية: ص (٤١٩).
(٤) الجويني: البرهان في أصول الفقه: ص (٢٩).

<<  <   >  >>