للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ " يُرِيدُ: عَيْنَيْهِ» أعظم العوض؛ لأن الالتذاذ بالبصر يفنى بفناء الدنيا، والالتذاذ بالجنة باق ببقائها" (١).

يقول الإمام ابن بطال:" فمن ابتلى بذهاب بصره، أو بفقد جارحة من جوارحه، فليتلق ذلك بالصبر والشكر والاحتساب، وليرض باختيار الله له ذلك؛ ليحصل على أفضل العوضين، وأعظم النعمتين، وهي الجنة التي من صار إليها، فقد ربحت تجارته، وكرمت صفقته، ولم يضره ما لقي من شدة البلاء فيما قاده إليها" (٢).

وعن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي، فقال: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ» فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا (٣).

لما كان العوض عظيماً، اختارت الصبر على البلاء، يقول الإمام ابن بطال:" ... وفيه أن اختيار البلاء، والصبر عليه يورث الجنة" (٤).


(١) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١٠/ ١١٦)
(٢) ابن بطال: شرح صحيح البخاري، مكتبة الرشد - الرياض، ط ٢ - ١٤٢٣ هـ (٩/ ٣٧٧)
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المرض، باب فضل من يصرع من الريح ح (٥٦٥٢)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها ح (٢٥٧٦).
(٤) ابن بطال: شرح صحيح البخاري، مكتبة الرشد - الرياض، ط ٢ - ١٤٢٣ هـ (٩/ ٣٧٦).

<<  <   >  >>