للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ» (١).

وأخرج البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله تعالى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ، إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ، إِلَّا الجَنَّةُ» (٢). الصفي: المصطفى كالولد، والأخ وكل محبوب مؤثر (٣).

وفي الحديثين فضل الحمد والاسترجاع عند المصيبة، وفيه دليل على أن من مات له ولد واحد فاحتسبه، أن له الجنة (٤).

يقول العلامة المناوي: "موت الأولاد فلذ الأكباد، ومصابهم من أعظم مصاب، وفراقهم يقرع القلوب والأوصال والأعصاب، يا له من صدع لا يشعب، يوهي القوي، ويقوي الوهي، ويوهن العظم، ويعظم الوهن، مر المذاق، صعب لا يطاق، يضيق عنه النطاق، شديد على الإطلاق، لا جرم أن الله تعالى حث فيه على الصبر الجميل، ووعد عليه بالأجر الجزيل، وبنى له في الجنة ذاك البناء الجليل" (٥).

"فيا أيها الوالد الجريح، والواله القريح، ماذا البكاء والصريخ، بعد هذا البر الصريح، وماذا العويل والضجيج، بعدما ثبت في الحديث الصحيح، وماذا التلهف والتأسف، بعد هذا القضاء المربح المريح.


(١) أخرجه الترمذي جامعه: أبواب الجنائز ح (١٠٢١) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق، باب العمل الذي يبتغي به وجه الله ح (٦٤٢٤).
(٣) ابن الجوزي: كشف المشكل، دار الوطن - الرياض، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٣/ ٥٣٣).
(٤) ابن بطال: شرح صحيح البخاري، مكتبة الرشد - الرياض، ط ٢ - ١٤٢٣ هـ (١٠/ ١٥٤).
(٥) المناوي: فيض القدير، المكتبة التجارية الكبرى - مصر، ط ١ ١٣٥٦ هـ (١/ ٤٤٠).

<<  <   >  >>