للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن كنت تبكيه طلاباً لنفعه ... فقد نال جنات النعيم مسارعاً

وإن كنت تبكي أنه فات عوده ... عليك بنفع فهو قد صار شافعاً

فطب نفساً بهذا الفضل العظيم، وقر عيناً بنزول ولدك في جوار الرب الرحيم، وأنشد عن نفسك قول شاعر حكيم:

جاورت أعدائي وجاور ربه شتان بين جواره وجواري" (١)

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ» (٢).

يقول الإمام ابن الجوزي:" هذا الحديث يحث على مراعاة العواقب، فإن التعب إذا أعقب الراحة هان، والراحة إن أثمرت النصب فليست راحة فالعاقل من نظر في المآل، لا في عاجل الحال (٣) ".

" فعذاب الآخرة يُنسي نعيم الدنيا، ونعيم الآخرة يُنسي شدة الدنيا" (٤).

فكل مصيبة ولو كانت جللاً، تهون في قلب المؤمن بالآخرة، وما فيها من الثواب والأجر العظيم، وإذا كان الإيمان باليوم الآخر، سبب من أسباب تخفيف الأحزان والهموم، وطردها من حياة المؤمن، واستبدالهما بالطمأنينة والتفاؤل، وإحلال الفرح مكان الحزن، فإنه كذلك يورث أثراً نفسيا آخر للعبد المسلم وهو:


(١) السيوطي: المحاضرات والمحاورات، دار الغرب الإسلامي - بيروت، ط ١ ١٤٢٤ هـ، ص (٣٣٦).
(٢) أخرجه مسلم كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار ح (٢٨٠٧).
(٣) ابن الجوزي: كشف المشكل، دار الوطن - الرياض، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٣/ ٣١٠)
(٤) فيصل المبارك: تطريز رياض الصالحين، دار العاصمة - الرياض، ط ١ ١٤٢٣ هـ، ص (٣١٤)

<<  <   >  >>