للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قسم المتكلمون المحدثات إلى: جسم، وجوهر (١)، وعرض. والجواهر - عند المتكلمين - لها خصائص وأحوال. وبعيدا عن الخوض في هذه الخصائص والأحوال، فإن الأجسام عند المتكلمين لها خصيصة الانقسام والتجزئة إلى ما لا نهاية. وهذا الجزء الذي تتوقف عنده، يُعرف عندهم بالجوهر الفرد.

وقد أشار الإمام ابن تيمية إلى أن لفظ الجوهر " ليس من لغة العرب، وإنما هو معرب " (٢) على ما قيل، وأن الموجودات على تقسيم المتكلمين تنقسم إلى جوهر وعرض،"وهؤلاء منهم من يريد بالجوهر المتحيز، فيكون الجسم المتحيزعندهم جوهرا، وقد يريدون به الجوهر الفرد الذي لا يتجزأ " (٣).

فالجوهر الفرد أو المفرد هو: الجزء الذي لا يمكن تقسيمه، أي: لا يقبل القسمة والانقسام مطلقا، ويقال له: الجزء الذي لا يتجزأ، أي: لا ينحل.

ويراد بالمفرد: أي: الجزء المتفرد الذي لا ينقسم إلى جزئين فصاعدا (٤)، فلو أنك قسمت الشيء إلى قسمين، وتتابع هذا التقسيم، فلا بد أن يصل إلى جزء لا ينقسم، هذا الجزء الذي لا ينقسم، ولا يقبل التجزئة يسمونه: الجوهر الفرد. وهم يرون أن جميع الأجسام متركبة من الجواهر الفردة، وأن الجواهر متماثلة (٥)

" فالجوهر لدى المتكلمين: هو الجزء الفرد المتميز الذي لا ينقسم، أما المنقسم فيسمونه جسما لا جوهرا. ولهذا السبب يمتنعون عن إطلاق اسم الجوهر على المبدأ الأول " (٦).

٢ - نشأة القول بالجوهر الفرد عند المتكلمين:


(١) الجسم والجوهر في اللغة بمعنى واحد. والفلاسفة يطلقون الجسم على: ما له مادة، والجوهر على: ما لا مادة له. وأما عند جمهور المتكلمين: فهو مركب من أجزاء متناهية لا تتجزأ بالفعل، ولا بالوهم وتسمى تلك الأجزاء، جواهر فردة. الكفوي: الكليات: (٣٤٥)، ابن حزم: الفِصل: (٥/ ٤٤).
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (٩/ ٢٩٨).
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (٩/ ٢٩٩).
(٤) الخميس: شرح الرسالة التدمرية: ص (١٩٤).
(٥) أحمد عبداللطيف: شرح الرسالة التدمرية: ص (٣٥٥).
(٦) مفاهيم إسلامية: مجموعة مؤلفين - موقع وزارة الأوقاف المصرية: ص (٢٨٦).

<<  <   >  >>