للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نشأ القول بالجوهر الفرد عند المتكلمين، نتيجة ما عُرف عن الفلاسفة من القول بعدم التناهي في الأجزاء المنقسمة. وقد اختلف متقدمو الفلاسفة عن متأخريهم في أصل العالم؟

فمتقدموهم على أن أصل العالم مادي، في حين زعم متأخروهم أن أصل العالم الجواهر الفردة، أو الذرات التي لا نهاية لعددها وحدِّها، وهي غير قابلة للتغير والفساد، وعُلم هذا القول عن انكساغوريس، ديموقريطس ... وهيرقليطس، وأبيقور (١).

واتفق المتكلمون مع متأخري الفلاسفة على القول بالجواهر الفردة، إلا أن الفرق " بين قول المتكلمين في الجواهر الفردة، وبين قول ديموفريطس وأبيقور وغيرهما، هو أن أهل الكلام يرون حدوثه، ويستدلون به على حدوث العالم ويرى اليونان أنه قديم " (٢).

فإثبات نظرية الجوهر الفرد عند المتكلمين، " مرتبط بالقول بتناهي الأجسام فهو يؤيد قولهم بحدوث العالم حين يردون على الفلاسفة. وتأتي فكرة الجوهر الفرد، في مقابل ما ذهب إليه النظام، من القول بإمكان تجزؤ الأجسام إلى ما لا نهاية، مما يؤدي إلى تقرير القول بقدم العالم " (٣).

قال القاضي أحمد نكري: " وإنما ذهب المتكلمون إلى إثبات الجوهر الفرد وتركيب الجسم منه، ونفي الهيولى؛ لئلا يلزم قِدم العالم، والعالم بجميع أجزائه محدث عندهم " (٤).


(١) الخلف: قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، عدد ١٢٠، ١٤٢٣ هـ، ص (٢٠٦)، الطائي: نقد ابن رشد لمذهب الذرية، مقال من قسم الفيزياء، من جامعة اليرموك، اربد - الأردن، ص (٤)
(٢) عبدالرحيم السلمي: حقيقة التوحيد: ص (١٨٩).
(٣) الغصن: دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية: ص (٢٧٥)، الرديعان: عقيدة الأشاعرة: ص ... (٥٧٢) انظر: ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل: (٧/ ١٢٦ - ٨/ ٣٢٠).
(٤) نكري: دستور العلماء: (١/ ٢٠٧).

<<  <   >  >>