للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نص البعض على أن أصول القول الجوهر الفرد مستورد من أصول يونانية، وقيل: إن أصوله هندية، وقيل: هو من بقايا مذاهب الغنوصية (١).

٣ - القول بالبعث والمعاد مبني على نظرية الجوهر الفرد:

ظن المتكلمون " أن القول بإثبات الصانع، وبأنه سيخلق السموات والأرض، وبأنه يقيم القيامة، ويبعث الناس من القبور، لا يتم إلا بإثبات الجوهر الفرد، فجعلوه أصلا للإيمان بالله واليوم الآخر " (٢). فهنا يُبيِّن شيخ الإسلام أن الأصل الذي بنى عليه المتكلمون إثبات المبدأ والمعاد، هو القول بإثبات الجوهر الفرد، ثم فرعوا عليه من المقالات التي يعلم العقلاء فسادها ببديهة العقل (٣).

وبيَّن الإمام ابن القيم هذه الحقيقة فقال: " وأما اليوم الآخر فإن جمهورهم بنوه على إثبات الجوهر الفرد، وقالوا: لا يتأتى التصديق بالمعاد إلا بإثباته " (٤).

ويقول التفتازاني في تقرير هذه القضية: " ومبنى هذا الأصل عند المتكلمين أن أجزاء الجسم ليست إلا الجواهر الفردة "، ثم يقول فيما يتعلق بأحكام الجسم: " أن الأجسام متماثلة، أي متحدة الحقيقة، وإنما الاختلاف في العوارض وهذا أصل يبتني عليه كثير من من قواعد الإسلام، كإثبات القادر المختار، وكثير من أحوال النبوة والمعاد " (٥).

وذكر شيخ الإسلام عن الإمام الرازي قوله: " قال من قال من هؤلاء: إن إثبات المعاد موقوف على ثبوت الجوهر الفرد، وهذا قول أبي عبدالله الرازي وغيره " (٦).


(١) الرديعان: عقيدة الأشاعرة: ص (٥٧٥)، الشهري: السببية عند الأشاعرة ك: (١٠٦)، الشهرستاني: الملل والنحل: (٢/ ١٣٩).
(٢) ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: (٢/ ٢٤٣).
(٣) ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية،: (٢/ ٢٤٣ - ٢٤٦)، ابن تيمية: منهاج السنة،: (٢/ ١٤٠).
(٤) ابن القيم: الصواعق المرسلة: (٣/ ٩٨٧).
(٥) التفتازاني: شرح المقاصد: (١/ ٣١٨).
(٦) ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: (٢/ ٢٤٦).

<<  <   >  >>